للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأقوال في المسألة:

اختلف الفقهاء في النهي الوارد في الحديث: هل هو للتحريم أو الكراهة، على قولين:

القول الأول: يحرم قضاء الحاجة في طريق الناس والظِّلِّ الذي ينتفعون به.

وهو قول عند الشافعية (١)، والمذهب عند الحنابلة (٢).

القول الثاني: يُكره قضاء الحاجة في طريق الناس وظِلِّهم:

وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٣)، والمالكية (٤)، والشافعية (٥)، وقول عند الحنابلة (٦).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (٧).

وجه الاستدلال: أن الآية جاءت بالمبالغة في التحذير من أذية المؤمنين بأي وجه من وجوه الأذى من قول أو فعل (٨)، وقضاء الحاجة في طرق الناس ومواطن تجمُّعهم وانتفاعهم: فيه أذية للمسلمين بتنجيس واستقذار هذه المواطن، وجاءت الآية بالوعيد لمن آذاهم، والوعيد دليل التحريم (٩).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ)) (١٠).


(١) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٧).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ١٢٢)، الفروع (١/ ١٣٢)، كشاف القناع (١/ ٦٣).
(٣) يُنظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٣٤٣)، حاشية الطحطاوي (ص: ٥٣).
(٤) يُنظر: الذخيرة (١/ ٢٠١)، مواهب الجليل (١/ ٢٧٦).
(٥) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٧).
(٦) يُنظر: الفروع (١/ ١٣٢)، الإنصاف (١/ ١٩٨).
(٧) سورة الأحزاب: الآية (٥٨).
(٨) يُنظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٣٢٤)، فتح القدير، للشوكاني (٤/ ٣٤٨).
(٩) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٦٢).
(١٠) سبق تخريجه: ص (٩٨).

<<  <   >  >>