للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ؛ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُو)).

وجه الاستدلال: أن ظاهر النهي الصريح في الحديث يقتضي تحريم السفر بالقرآن إلى أرض العدو مطلقاً؛ لعموم النهي (١)، ولأن الأصل في النهي التحريم.

الدليل الثاني: أن العلة التي صرح بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه يكون عُرضة لاستيلاء الكفار عليه واستهانته، وقد ينالوه بشغل عنه، أو يسقط ولا يشعر به -تفيد التحريم (٢).

استدل أصحاب القول الثاني بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ووجهه:

أن الحديث يدل على تحريم السفر بالقرآن في السرايا والعسكر الصغير؛ للعلة المذكورة، وهي خوف أن ينالوه، فينتهكوا حرمته، فإن أُمنت هذه العلة بأن يُدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم، فلا يُمنع لعدم العلة؛ فنيل العدو له في الجيوش العِظام نادر (٣).

نُوقش: أنه بعد تسليم العلة المذكورة؛ فإن النهي عام، فيشمل العسكر الكبير أيضاً، وذلك سداً للذريعة، ولأن نسيانه وسقوطه ليس نادراً (٤).

وكذلك استدل أصحاب القول الثالث بالحديث نفسه، ووجهه:

أن علة خوف الوقوع في أيديهم والاستخفاف به، تفيد كراهة السفر بالقرآن في العسكر الصغير؛ إذ لا منعة قوية لهم، فكان الدخول به في دار الحرب تعريضاً للاستخفاف بالمصحف الكريم، فإن كان العسكر عظيماً لا بأس بذلك؛ لأنهم يحتاجون إلى قراءة القرآن، ولأن الغالب السلامة (٥).


(١) يُنظر: المنتقى شرح الموطأ (٣/ ١٦٥)، المفهم (٣/ ٦٩٨).
(٢) يُنظر: المعونة (ص: ١٧٢٨)، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٣/ ٤١٢)، كشاف القناع (١/ ١٣٦).
(٣) يُنظر: المفهم (٣/ ٦٩٩)، المنهاج شرح صحيح مسلم (١٣/ ١٣).
(٤) يُنظر: المفهم (٣/ ٦٩٩).
(٥) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١٠/ ٢٩).

<<  <   >  >>