للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عَنْ سَلْمَانَ -رضي الله عنه- قال: ((قيل له: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، … الحديث)) (١).

وجه الاستدلال: أن في الحديث نهياً صريحاً عن الاقتصار على أقل من ثلاثة، والنهي يقتضي التحريم، والنص على العدد دليل الاشتراط (٢).

نُوقش: بأن المقصود هو الإنقاء، وذكر العدد للاحتياط وخرج مخرج العادة؛ لأن الغالب حصول الإنقاء بها (٣).

وأُجيب: بأنه لو كان القصد الإنقاء فحسب لم يكن لاشتراط عدد الثلاث معنى، ولا في ترك الاقتصار على ما دونها فائدة؛ إذ كان معلوماً أن الإنقاء قد يقع بالمسحة الواحدة وبالمسحتين، فلمّا اشترط العدد لفظاً وكان الإنقاء من معقول الخبر ضمناً، دل على أنه إيجاب للأمرين معاً (٤).

الدليل الثاني: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا، وَلَا يَسْتَطِبْ (٥) بِيَمِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، … الحديث)) (٦).


(١) سبق تخريجه: ص (١١٤).
(٢) يُنظر: المغني (١/ ١١٢)، المجموع (٢/ ١٠٤).
(٣) يُنظر: البحر الرائق (١/ ٢٥٣).
(٤) يُنظر: معالم السنن (١/ ١٢).
(٥) لا يَسْتَطِبُّ: أي: لا يستنجي، وسُمى الاستنجاء استطابة؛ لما فيه من إزالة النجاسة وتطهير موضعها من البدن، يُقال: استطاب الرجل إذا استنجى فهو مستطيب، والاستطابة والاستنجاء والاستجمار أسماء لمعنى واحد. يُنظر: معالم السنن (١/ ١٤)، الصحاح (١/ ١٧٣)، الاستذكار (١/ ١٨٢). وتقدم حكم الاستنجاء باليمين في المبحث السابق.
(٦) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (١/ ٨) برقم: (٨)، والنسائي في السنن الصغرى، كتاب الطهارة، النهي عن الاستطابة بالروث (١/ ٣٨) برقم: (٤٠)، وابن ماجه، أبواب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة (١/ ٢٠٨) برقم: (٣١٣)، وأحمد (١٢/ ٣٧٢) برقم: (٧٤٠٩)، صححه ابن حبان (٤/ ٢٨٨) برقم: (١٤٤٠)، قال ابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ٢٩٨) بعد ذكر أسانيد الحديث: «أسانيده كلها صحيحة، وأصله في صحيح مسلم … قال الشافعي في القديم: هذا حديث ثابت».

<<  <   >  >>