ذهب أصحاب القول الثاني إلى أن النهي يُحمل على الكراهة بدليل القرينة الصارفة: ورود النص بالتعليل بما لا يقتضي التحريم.
ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص على العلة بأنها زاد الجن، وهذه العلة لا تفيد التحريم؛ حيث إنها ليست لمعنى في المنهي، وإنما لمعنى مصلحة الغير، ولأنه يحصل الإنقاء باستعمالها وإن كان منهياً عنه.
جاء في (حاشية ابن عابدين) بعد ذكره لعلة النهي: «لكن الظاهر أن هذا لا يفيد التحريم»(١).
الحكم على القرينة:
الذي يظهر أن هذه القرينة غير معتبرة لحمل النهي على الكراهة، بل دلالة هذه العلة على التحريم أقوى؛ ذلك أن استعمال الروْث والعَظم في الاستنجاء فيه إفساد لزاد الجن، وذلك غير جائز، والتعليل بأنه يحصل الإنقاء باستعمالها غير صحيح؛ بدلالة النص:(لا تطهران)، ولأن العظم لِلُزُوجتِه لا يزيل الأذى إزالة تامة، والروْث نجس، والنجس يزيد النجاسة ولا يزيلها.
فالقرينة ضعيفة، ولا تقوى على معارضة القول بالتحريم؛ لتضافر الأدلة وقوتها، مع وجود ما يعضدها من الوعيد لفاعل المنهي عنه، والله أعلم.