للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرو -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إِنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتاً يُقَالُ لَهَا: الْحَمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِالْأُزُرِ، وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ)) (١).

الدليل الثاني: عن أم كلثوم (٢) -رضي الله عنها- قالت: ((أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ فَطَلَيْتُهَا بِالنَّوْرَةِ (٣)، ثُمَّ طَلَيْتُهَا بِالْحِنَّاءِ عَلَى إِثْرِهَا مَا بَيْنَ فَرْقِهَا إِلَى قَدَمِهَا فِي الْحَمَّامِ مِنْ حِصْنٍ (٤) كَانَ بِهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: أَلَمْ تَكُونِي تَنْهَيِ النِّسَاءَ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي سَقِيمَةٌ، وَأَنَا أَنْهَى الْآنَ أَلَّا تَدْخُلَ امْرَأَةٌ الْحَمَّامَ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ)) (٥).

وجه الاستدلال: أن في الحديث والأثر دليلاً على أنه لا يجوز لهن دخول الحمام إلا لعذر من: حيض، أو نفاس، أو مرض، أو حاجة إلى الغسل، ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها؛ لتعذُّر ذلك عليها، أو خوفها من مرض، أو ضرر (٦).

ثانياً: محل النزاع:

اختلف الفقهاء في حكم دخول المرأة الحمامات لغير عذر، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: التحريم.

وهو مذهب المالكية (٧)، والحنابلة (٨).


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الحمام (٦/ ١٣٠) برقم: (٤٠١١)، وابن ماجه، أبواب الأدب، باب دخول الحمام (٤/ ٦٨٢) برقم: (٣٧٤٨)، قال النووي في (المجموع) (٢/ ٢٠٤): «رواه أبو داود وابن ماجه، وفي إسناده مَنْ يضعف»، وقال الكمال بن الهمام في (فتح القدير) (٤/ ٣٩٩): «في سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وهو مختلف فيه».
(٢) هي: أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، أمها حبيبة بنت خارجة، وتُوفي أبوها وهي حمل، روت عن أختها عائشة أم المؤمنين، أرسلت حديثها، فذكرها بسببه ابن السكن وابن مَنْدَه في الصّحابة، روى عنها: ابنها: إبراهيم بن عبدالرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة وجابر بن عبد الله الأنصاري، وهو أكبر منها، وطلحة بن يحيى بن طلحة وغيرهم، روى لها البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه. يُنظر: تهذيب الكمال (٣٥/ ٣٨١)، الإصابة (٨/ ٤٦٧).
(٣) النورة: النورة من الحجر الذي يحرق ويسوى منه الكلس ويحلق به شعر العانة. يُنظر: لسان العرب (٥/ ٢٤٤).
(٤) حصن: لم أقف على معنى لهذه الكلمة فيما تيسر لي من كتب، والذي يظهر من سياق الأثر أنه نوع من السقم والمرض، والله أعلم. ثم وجدت الأثر في (الذخيرة) للقرافي (١٣/ ٢٦٩) بلفظ: حصب، وفي (المقدمات الممهدات) (٣/ ٤٣٧) بلفظ: حصر. فلعله مرض حصرها ومنعها من السير أو ماشابه، والله أعلم بالصواب.
(٥) أخرجه عبد الرزاق، كتاب الطهارة، باب الحمام للنساء (١/ ١٩٥) برقم: (١١٣٥).
(٦) يُنظر: المغني (١/ ١٧٠)، شرح المصابيح، لابن الملك (٥/ ٧٨).
(٧) يُنظر: التبصرة (١١/ ٥٠٣٨)، شرح ابن ناجي التنوخي (٢/ ٤٥٩)، الفواكه الدواني (٢/ ٣١١).
(٨) يُنظر: المغني (١/ ١٦٩)، مطالب أولي النهى (١/ ١٨٨).

<<  <   >  >>