للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المناوي -رحمه الله-: «ذهب الأكثر إلى أن دخولها لهن مكروه تنزيهاً» (١).

القرينة الثانية: أن النهي عنه في حال دون حال.

جاء في (المقدمات الممهدات) بعد ذكر أثر عائشة -رضي الله عنها-: «فدل ذلك من قولها وفعلها أنها كرهت للنساء دخول الحمامات مستترات من غير تحريم ونهتهن عن ذلك ولم ترخص لهن فيه إلا من مرض. ولو كان عليهن حراما لما جاز في المرض، فهو لهن مع المرض جائز، ومع الصحة مكروه إذ كن مستترات متزرات» (٢).

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «أصل النهي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل ما نهى عنه فهو محرم، حتى تأتي عنه دلالة تدل على أنه إنما نهى عنه لمعنى غير التحريم: إما أراد به نهياً عن بعض الأمور دون بعض، وإما أراد به النهي للتنزيه عن المنهي والأدب والاختيار» (٣).

الحكم على القرينة:

الذي يظهر أن القرائن ضعيفة غير معتبرة؛ وذلك -بالنظر في أدلة النهي- نجد أن منها ما جاء بالنهي المجرد، ومنها ما جاء بالنص الصريح على التحريم، والتعبير بهتك الستر بينها وبين الله: فيه تشديد في الزجر، فكانت أدلة النهي أقوى دلالة على التحريم، ثم إن المعنى الذي صرفوا به النهي إلى الكراهة أولى به أن يكون مؤيداً للقول بالتحريم لا الكراهة، فالمرأة مأمورة بالستر والمبالغة فيه؛ صيانة لها، وفتح باب دخولها الحمامات بلا حاجة قد يجر إلى مفاسد كثيرة، وقد شُوهد -في هذا العصر- التهاون في الستر من بعض النساء عند دخولهن إلى ما يُسمى بصالون التجميل -حمانا الله والمسلمات من الشرور والفتن-، والله أعلم.


(١) فيض القدير (٣/ ٤٢٢).
(٢) (٣/ ٤٣٧).
(٣) الأم (٧/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>