للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر -رحمه الله-: « … ويُستثنى من ذلك المجاهد اتفاقاً» (١).

واتفق الفقهاء (٢) على تحريم تغيير الشَّيْب بالسواد في بيع أو نكاح؛ لما فيه من التدليس (٣) والخداع، وذلك حرام (٤)؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا)) (٥).

قال ابن القيم -رحمه الله-: «أن الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس» (٦).

ثانياً: محل النزاع:

اختلف الفقهاء في حكم التغيير بالسواد في غير الجهاد أو البيع والنكاح، على قولين:

القول الأول: يُكره.

وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٧)، والمالكية (٨)، والحنابلة (٩).

القول الثاني: يحرم.

وهو مذهب الشافعية (١٠).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن جابر -رضي الله عنه- قال: ((أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ)) (١١).

الدليل الثاني: عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((غَيِّرُوا الشَّيْب، وَلَا تُقَرِّبُوهُ


(١) فتح الباري (٦/ ٤٩٩).
(٢) يُنظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٧٤)، الفواكه الدواني (٢/ ٣٠٧)، أسنى المطالب (١/ ١٧٣)، كشاف القناع (١/ ٧٧).
(٣) التَّدْلِيسُ: كتمان عيب السلعة عن المشتري وإخفاؤه. يُنظر: الصحاح (٣/ ٩٣٠)، التوقيف على مهمات التعاريف (ص: ٩٣).
(٤) يُنظر: كشاف القناع (١/ ٧٧)، حاشية العدوي (٢/ ٤٤٦)، موسوعة القواعد الفقهية (٢/ ٢٦٥).
(٥) أخرجه مسلم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ غشنا فليس منا» (١/ ٩٩) برقم: (١٠١).
(٦) زاد المعاد (٤/ ٣٣٧).
(٧) يُنظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٧٥٦)، اللباب (ص: ٢٦٢).
(٨) يُنظر: الفواكه الدواني (٢/ ٣٠٧)، حاشية العدوي (٢/ ٤٤٦).
(٩) يُنظر: المغني (١/ ٦٩)، الإنصاف (١/ ٢٥٧).
(١٠) يُنظر: المجموع (١/ ٢٩٤)، تحفة المحتاج (٩/ ٣٧٥).
(١١) سبق تخريجه ص: (١٥٥).

<<  <   >  >>