للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو مذهب الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

القول الثالث: كراهة قراءة الحائض والنفساء القرآن.

وهو رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٤).

أدلة الأقوال:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أنه لم يُنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهي صحيح في تحريم قراءة القرآن على الحائض، فلما لم يُنقل عنه نهي عُلم أنه ليس بمحرم.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «كان النساء يحِضْن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة لكان هذا ما بيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، وتعلمه أمهات المؤمنين، وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك نهياً، لم يجز أن تُجعل حراماً؛ للعلم أنه لم يُنه عن ذلك، وإذا لم يُنه عنه مع كثرة الحيض في زمنه عُلم أنه ليس بمحرم» (٥).

الدليل الثاني: حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي)) (٦).

وجه الاستدلال: أن في الحديث دليلاً على جواز قراءة الحائض؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستثنِ من جميع مناسك الحج إلا الطواف، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة، وأعمال الحج مشتملة على تلبية ودعاء وذِكر، ومنه: قراءة القرآن، ولم تُمنع الحائض من شيء من ذلك (٧).


(١) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٣/ ١٥٢)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣).
(٢) يُنظر: الحاوي الكبير (١/ ١٤٧)، المجموع (٢/ ٣٥٧).
(٣) يُنظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ١٣٥)، كشاف القناع (١/ ١٩٧).
(٤) يُنظر: المبدع (١/ ٢٢٧)، الإنصاف (٢/ ٣٦٧)، وعزوه لنقل الشَّالنجِيِّ.
(٥) الفتاوى الكبرى (١/ ٤٥٣).
(٦) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف (٢/ ١٥٩) برقم: (١٦٥٠)، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران (٢/ ٨٧٣) برقم: (١٢١١).
(٧) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٤٠٧).

<<  <   >  >>