للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ (١)، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ، وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ (٢)، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ (٣) وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ)) (٤).

وجه الاستدلال: أن استفهام النبي -صلى الله عليه وسلم- معناه الإخبار عما كان يعلمه من حالهم في العدم وضيق الثياب، فأعلمهم أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة، وظاهره: يقتضي جواز الصلاة في الثوب الواحد، سواء أكان ساتراً لجميع البدن أم لمقدار العورة فقط، سواء أوَضَع بعضه على عاتقه أم لا، كمن يصلى في السراويل وحده.

وقول عمر -رضي الله عنه-: (إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه … )، يدل على ذلك، وأن جمع الثياب في الصلاة اختيار واستحسان؛ لأنه من حسن الهيئة في الصلاة (٥).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث بريدة -رضي الله عنه- الذي استدل به أصحاب القول الأول.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن ظاهر نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في السراويل وحده يُحمل


(١) جمع رجل عليه ثيابه: هذا لفظ الخبر، والمراد به الأمر كأنه قال: وسعوا على أنفسكم إذا وسع الله عليكم، واجمعوا عليكم ثيابكم في الصلاة. يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ٣٠)، الاستذكار (٨/ ٢٩٩).
(٢) قَبَاء: -بفتح أوله بالقصر وبالمد-: قبا الشيء قبوا: جمعه بأصابعه. والقباء من الثياب: الذي يلبس مشتق من ذلك لاجتماع أطرافه، والجمع أقبية. وهو من لباس العجم معروف، قيل: هو فارسي معرب، وقيل: عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه. يُنظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٢٠٨)، لسان العرب (١٥/ ١٦٨)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ١٦٩، ٤٧٥).
(٣) التُّبَّان -بضم المثناة وتشديد الموحدة-: وهو على هيئة السراويل، لكنه ليس له رجلان، فهو سراويلُ صغيرٌ مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط، يكون للملاحين. وقد يُتخذ من جلد. يُنظر: الصحاح (٥/ ٢٠٨٦)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ١٨١)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٤٧٥).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء (١/ ٨٢) برقم: (٣٦٥).
(٥) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ٢٩)، طرح التثريب (٢/ ٢٣٧).
(٦) سبق تخريجه ص: (٣٠٦).

<<  <   >  >>