للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ … الحديث)) (١).

قال الزركشي -رحمه الله-: «حديث كعب بن عُجْرَة محمول على الكراهية، وحديث ذي اليدين على الجواز، وفِعله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بياناً للجواز لم يكن مكروهاً» (٢).

جاء في (مرقاة المفاتيح): «فالنهي محمول على الكراهة؛ لما ثبت في حديث ذي اليدين أنه -عليه السلام- شبَّك أصابعه، وذلك يفيد عدم التحريم، ولا يمنع الكراهة، أي: لغيره؛ لكون فِعله نادراً، أي: لبيان الجواز» (٣).

وقال الشوكاني -رحمه الله-: «وظاهر النهي عن التشبيك: التحريم، لولا حديث ذي اليدين» (٤).

القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

قال المناوي -رحمه الله-: «التشبيك من هيئات التصرفات الاختيارية، والصلاة تُصان عن ذلك، مع أن التشبيك جالب للنوم، وهو مظنة للحدث؛ فلذلك كُره تنزيهاً» (٥).

وتعددت أقوال أهل العلم في العلة من النهي عن تشبيك اليدين، ومما ذكروه (٦):

الأول: لما في التشبيك من العبث المخالف لهيئة الصلاة.

الثاني: لأنه يجلب النوم، وهو من مظان الحدث.

الثالث: أن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف.

الرابع: لكونه من الشيطان، أو فيه التشبه بالشيطان.

الحكم على القرينة:

القرينة النصية من أقوى القرائن الصارفة، وتزداد قوة بثبوتها وصحتها، ولكونها جاءت في بيان الرخصة والجواز، وقرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد قرينة معتبرة؛ لاعتضاد هذه القرينة بما قبلها، ولاعتبار ما جاء فيها من المعاني؛ فهي معاني مناسبة لحمله على التنزيه، والله أعلم.


(١) سبق تخريجه: ص (٣٥٧).
(٢) إعلام الساجد بأحكام المساجد (ص: ٣٣٣).
(٣) (٢/ ٧٨٨).
(٤) نيل الأوطار (٢/ ٣٨٧).
(٥) فيض القدير (١/ ٣٢١).
(٦) يُنظر: معالم السنن (١/ ١٦٢)، عمدة القاري (٤/ ٢٦٢)، فيض القدير (١/ ٣٢١).

<<  <   >  >>