للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتفق الفقهاء (١) على: استحباب المشي بالسكينة والوقار، وكراهة الاسراع والهرولة، أثناء الذهاب إلى الصلاة.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «قال أبو عبد الله -رحمه الله-: ويُستحب للرجل إذا أقبل إلى المسجد أن يُقبِل بخوف ووجل وخشوع وخضوع، وأن تكون عليه السكينة والوقار، ما أدرك صلى، وما فات قضى، بذلك جاء الأثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-» (٢).

الأدلة:

الدليل الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)) (٣). وفي رواية: ((إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ)) (٤).

وجه الاستدلال: أن في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَامْشُوا) أمراً بالمشي عند الذهاب للصلاة، وقوله: (وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ) أَمْرٌ بلزوم السكينة والوقار، وقوله: (وَلَا تُسْرِعُوا) تصريح بالنهي عن الإسراع، فدل بمجموعه على تأكيد الندب إلى إتيان الصلاة بسكينة ووقار، وكراهة إتيانها سعياً، سواء في صلاة الجمعة أم غيرها، وأكَّد ذلك ببيان العلة، فقال: (فَهُوَ فِي صَلَاةٍ) فالذاهب إلى صلاة عامد في تحصيلها ومتوصل إليها، فينبغي أن يكون متأدباً بآدابها، وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة (٥).

الدليل الثاني: عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: ((بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ سَمِعَ


(١) شرح مشكل الآثار (١٤/ ١٩٥)، حاشية الطحطاوي (ص: ٣٦٠)، إكمال المعلم (٢/ ٥٥٣)، المدخل، لابن الحاج (١/ ٤٥)، المجموع (٤/ ٢٠٦)، مغني المحتاج (١/ ٤٦٩)، المغني (١/ ٣٢٨)، كشاف القناع (١/ ٣٢٤).
(٢) شرح العمدة، لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٥٩٦).
(٣) سبق تخريجه: ص (٣٦٢).
(٤) سبق تخريجه: ص (٣٥٥).
(٥) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٩٩)، طرح التثريب (٢/ ٣٥٤)، فيض القدير (١/ ٢٩٤)، نيل الأوطار (٣/ ١٦٢).

<<  <   >  >>