للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن مَنْ صلى الوتر، ثم صلى بعد ذلك، لا يعيد الوتر» (١).

وقال ابن رشد -رحمه الله- في (بداية المجتهد): «ذهب أكثر العلماء إلى أن المرء إذا أوتر ثم نام فقام يتنفل، أنه لا يوتر ثانية» (٢).

الأدلة:

الدليل الأول: حديث طلق بن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ)).

وجه الاستدلال: أن في الحديث نفي بمعنى النهي، والمراد النهي عن صلاة وترين في ليلة، فهو دليلٌ به على كراهة إعادة الوتر؛ لأن إعادته تصير الصلاة كلها شفعاً، فيبطل المقصود منه (٣).

الدليل الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ (٤)، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ)) (٥).

وجه الاستدلال: أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بعد وتره تهجداً، ولم يوتر؛ اكتفاءً بالوتر الذي قبل تهجده، فدل ذلك على كراهة إعادة الوتر (٦).

الدليل الثالث: أن الوتر وقع بعد عشاء صحيحة وشفق، فمضى على صحته، فلا يتوجه إبطاله بعد فراغه (٧).

الدليل الرابع: أن النقض يؤدي إلى أن يصلي المرء ثلاثة أوتار، وهو مكروه (٨).


(١) البناية (٢/ ٥٠٥).
(٢) (١/ ٢١٤).
(٣) يُنظر: شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٤٥١).
(٤) قال النووي في (المنهاج) (٦/ ٢١): «الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما -صلى الله عليه وسلم- بعد الوتر جالساً؛ لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالساً، ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة».
(٥) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- فِي الليل (١/ ٥٠٩) برقم: (٧٣٨).
(٦) يُنظر: كشاف القناع (١/ ٤٢٧).
(٧) يُنظر: المجموع (٤/ ٢٥)، حاشية العدوي (١/ ٢٩٤).
(٨) يُنظر: بحر المذهب، للروياني (٢/ ٢٣٩)، فتح الباري، لابن رجب (٩/ ١٧٢).

<<  <   >  >>