للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعلم» (١).

وبالمقايسة يكون المعنى: إلا أن يكون قيام ليلة الجمعة واقعاً مع قيامه المعتاد من سائر الليالي، فلا يُمنع، وعلة المنع فيهما: تخصيصه وإفراده عن غيره.

القرينة الثالثة: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد:

أن في النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام إرشاداً إلى الأصلح للعبادة في يوم الجمعة.

ومما ذكره العلماء علة للنهي:

١ - أن ترك تخصيص ليلة الجمعة بقيام، أعون للمرء على القيام بالعبادات المشروعة في يوم الجمعة بنشاط وانشراح.

قال زكريا الأنصاري -رحمه الله-: «حكمة النهي عنهما أنَّ يوم الجمعة يوم دعاء وذِكر وعبادة: كغسل، وتبكير إلى الصلاة، وانتظار لها، واستماع خطبة، وإكثار ذِكر بعدها، فسُن الفطر فيه، وترك تخصيص ليلة الجمعة بقيام؛ ليكون أعون له على هذه الوظائف بأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها» (٢).

٢ - أن النهي فيه سدٌ لذريعة اتخاذ شرع لم يأذن به الله، من تخصيص زمان بعبادة لم يخصه بها الشرع.

قال الطيبي -رحمه الله-: «العلة ورود النص وتخصيص كل يوم بعبادة ليس ليوم آخر؛ فإن الله تعالى قد استأثر الجمعة بفضائل لم يستأثر بها غيرها: فجعل الاجتماع فيه للصلاة فرضاً علي العباد في البلاد، فلم يرَ أن يخصه بشيء من الأعمال سوى ما خصه به، ثم خص بعض الأيام بعمل دون ما خُصت به غيره؛ ليختص كل منها بنوع من العمل؛ لتظهر فضيلة كلٍّ بما يختص به» (٣).

وقال ابن القيم -رحمه الله-: « … أن السنة مضت بكراهة إفراد رجب بالصوم، وكراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم، وليلتها بالقيام؛ سداً لذريعة اتخاذ شرع لم يأذن به الله -من


(١) مرقاة المفاتيح (٤/ ١٤١٩).
(٢) فتح العلام (ص: ٣٦٤).
(٣) شرح المشكاة (٥/ ١٦١١).

<<  <   >  >>