للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، وتقع بها البياعات والأنكحة، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وهذا يبيّن أن قول من قال: إن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك حتى جمعها برأي الفقهاء وهم.

وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام وعلى صفة لا تختلف، وإنما كانت مجموعات من ضرب فارس والروم، وصغارا وكبارا، وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة، ويمنية ومغربية، فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه وتصييرها وزنا واحدا لا يختلف، وأعيانا يستغنى بها عن الموازين، فجمعوا أصغرها وأكبرها وضربوه على وزنهم الكيل، ولعله كان الوزن الذي يتعاملون به حينئذ كيلا بالمجموع، ولهذا سمّي كيلا، وإن كانت قائمة مفردة غير مجموعة. انتهى.

وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستذكار» أيضا: وما أظنّ عبد الملك وعلماء عصره نقضوا شيئا من الأصل. وإنما أنكروا وكرهوا الضرب الجاري عندهم من ضرب الروم فردّوها إلى ضرب الإسلام. انتهى.

وقال أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي رحمه الله تعالى، في كتابه «معالم السنن» في الكلام على الحديث الذي خرّجه أبو داود رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة: إنما جاء الحديث في نوع ما يتعلّق به أحكام الشريعة في حقّ من حقوق الله سبحانه دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم وأمور معايشهم. وقوله: الوزن وزن أهل مكة، يريد من الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان، ومعناه أنّ الوزن الذي يتعلق به حقّ الزكاة في النقد وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدّلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، والدرهم الوازن الذي هو من دراهم الإسلام الجائزة بينهم في عامة البلدان ستة دوانيق، وهو نقد أهل مكة ووزنهم الجائز بينهم. وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت مقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إياها، والدليل على صحة ذلك أن

<<  <   >  >>