للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذَاكَ إلَّا لِبَرَكَةِ امْتِثَالِ السُّنَّةِ إذْ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي شَيْءٍ إلَّا وَحَلَّتْ الْبَرَكَةُ فِيهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ يُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَيَجْعَلُ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْيَمِينِ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى وِرْكِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ وَضَعْت جَنْبِي وَبِاسْمِك أَرْفَعُهُ اللَّهُمَّ إنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْت نَفْسِي إلَيْك، وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك، وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إلَيْك، وَوَجَّهْت وَجْهِي إلَيْك رَهْبَةً مِنْك، وَرَغْبَةً إلَيْك لَا مَلْجَأَ، وَلَا مَنْجَا مِنْك إلَّا إلَيْك، أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت، وَرَسُولِك الَّذِي أَرْسَلْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت، وَمَا أَخَّرْت، وَأَسْرَرْت، وَأَعْلَنْت أَنْتَ إلَهِي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، رَبِّ قِنِي عَذَابَك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك انْتَهَى.

ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْفِنِي بِالْقَلِيلِ مِنْ النَّوْمِ، وَاجْعَلْهُ لِي عَوْنًا عَلَى طَاعَتِك، وَيَنْوِي بِنَوْمِهِ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا مِنْ طَلَبِ عِلْمٍ أَوْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهِمَا، إذْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ حَظَّهَا مِنْ النَّوْمِ قَلَّ أَنْ يَتَأَتَّى لَهُ مِنْهَا التَّوْفِيَةُ بِالْمَأْمُورَاتِ عَلَى أَنْوَاعِهَا سِيَّمَا، وَهُوَ مَطْلُوبٌ بِالْحُضُورِ فِي الطَّاعَاتِ سِيَّمَا إنْ كَانَتْ صَلَاةً إذْ الْحُضُورُ مَعَ النَّوْمِ مُتَعَذِّرٌ. أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ» ثُمَّ يُشْعِرُ نَفْسَهُ حِينَ الدُّخُولِ فِي الْفِرَاشِ بِالدُّخُولِ فِي قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ هُوَ الْمَوْتُ الْأَصْغَرُ فَشُرِعَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ حَالَةِ الْمَوْتَى، وَهُوَ التَّجْرِيدُ مِنْ ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ، وَالدُّخُولُ فِي ثِيَابٍ تُشْبِهُ ثِيَابَ الْمَوْتَى إذْ أَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْكَفَنِ. فَإِذَا أَشْعَرَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ قَلَّ مِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ فِي النَّوْمِ، وَخَافَ الْفَوَاتَ. إذْ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ يُنَوِّرُ الْقَبْرَ؛ لِأَنَّ وَقْتَ اللَّيْلِ شَبِيهٌ بِظُلْمَةِ الْقَبْرِ فَكَانَ الثَّوَابُ مُنَاسِبًا لِقِيَامِهِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ.

وَفِي التَّعَرِّي حِكَمٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ يُرِيحُ الْبَدَنَ مِنْ حَرَارَةِ حَرَكَةِ النَّهَارِ، وَيُسَهِّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>