نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ الرَّابِعَةِ فَسِرُّك فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ الْخَامِسَةِ فَسِرُّك فِي السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ السَّادِسَةِ فَسِرُّك فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ فَسِرُّك فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَإِنْ نَزَلَتْ عَنْ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إلَى ظَهْرِ الثَّوْرِ الَّذِي عَلَيْهِ قَرَارُ الْأَرْضِينَ فَسِرُّك نَاظِرٌ إلَى الْعَرْشِ انْتَهَى فَقَرَّرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ بِسَبَبِ التَّوَاضُعِ، وَعَلَى قَدْرِ نُزُولِ النَّفْسِ يَسْمُو أَمْرُهُ، وَيَعْلُو قَدْرُهُ فَمَنْ أَرَادَ الْفَوْزَ فَلْيَعْمَلْ عَلَى إشَارَتِهِ يَحْظَ بِالسَّلَامَةِ.
وَأَعْنِي بِالزُّهْدِ فِي مَرَاتِبِ الْآخِرَةِ أَنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ لَا لِعِوَضٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] ، وَصَاحِبُ هَذَا الْحَالِ يَرَى نَفْسَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِشَيْءٍ لِاسْتِحْقَارِهِ نَفْسَهُ، وَتَرْكِ النَّظَرِ إلَيْهَا، وَصَغَارَتِهَا عِنْدَهُ لِعَظِيمِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ.
قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ مُجْتَهِدٌ، وَكَانُوا يُفَضِّلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَعْنِي مَنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ مِنْ الْعُبَّادِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ يَعْبُدُنِي مَا شَاءَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَصْبَحَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَأَخْبَرَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِذَلِكَ فَتَعَجَّبُوا، وَقَالُوا لَيْسَ فِينَا أَحَدٌ مِثْلَهُ فِي الْعِبَادَةِ، وَالْخَيْرِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، وَإِذَا بِالرَّجُلِ قَدْ أَتَى فَسَلَّمَ، وَجَلَسَ فَأَخْبَرَهُ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَا قَدْ وَقَعَ فَقَالَ: أَهْلًا بِقَضَاءِ رَبِّي، وَمَضَى لِسَبِيلِهِ فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ تَطَهَّرَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ اللَّهُمَّ إنِّي كُنْت أَعْبُدُك، وَلَسْت عِنْدَ نَفْسِي أَهْلًا لِشَيْءٍ، وَالْآنَ قَدْ مَنَنْت عَلَيَّ، وَجَعَلْتنِي أَهْلًا لِنَارِك فَوَعِزَّتِك لَا زَالَ هَذَا مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْك شُكْرًا لَك عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ حَتَّى أَلْقَاك فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنْ الْغَدِ جَاءَ إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ لَهُ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِازْدِرَائِهِ بِنَفْسِهِ.
وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، - وَنَفَعَ بِهِ - عَذَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَجْلِسْ إلَيْهِمْ، وَيُحَدِّثْهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْهُ الْعِلْمَ؛ لِأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَفَاضِلِ الْعُلَمَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ: شَغَلَنِي أَرْبَعٌ لَوْ فَرَغْتُ مِنْهَا لَجَلَسْتُ إلَيْكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute