وَعُدْت إلَى التُّرَابِ فَظَلْت فِيهِ ... كَأَنِّي مَا بَرِحْت مِنْ التُّرَابِ
خُلِقْت مِنْ التُّرَابِ بِغَيْرِ ذَنْبٍ ... وَأَرْجِعُ بِالذُّنُوبِ إلَى التُّرَابِ
، وَلَقِيَ حَكِيمٌ حَكِيمًا فَقَالَ لَهُ: إنِّي لَأُحِبُّك فِي اللَّهِ فَقَالَ: لَوْ عَلِمْت مِنِّي مَا أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي لَأَبْغَضْتنِي فِي اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الْأَوَّلُ - لَوْ أَعْلَمُ مِنْك مَا تَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِك لَكَانَ لِي فِيمَا أَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِي شُغْلٌ عَنْ بُغْضِك، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ إذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْت؟ قَالَ: أَصْبَحْنَا ضَعْفَى مُذْنِبِينَ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا، وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا، وَقِيلَ: لِلْمُغِيرَةِ كَيْفَ أَصْبَحْت يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: أَصْبَحْنَا مُعْتَرِفِينَ بِالنِّعَمِ مُقِرِّينَ بِالذُّنُوبِ يَتَحَبَّبُ إلَيْنَا رَبُّنَا، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنَّا، وَنَتَبَاغَضُ إلَيْهِ، وَنَحْنُ إلَيْهِ فُقَرَاءُ، وَقَدْ قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مِنْ أَيْنَ عَيْشُك فَقَالَ:
نُرَقِّعُ دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا ... فَلَا دِينُنَا يَبْقَى وَلَا مَا نُرَقِّعُ
وَقِيلَ: لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَيْفَ أَصْبَحْت؟ فَقَالَ: أَصْبَحْت طَوِيلًا أَمَلِي قَصِيرًا أَجَلِي سَيِّئًا عَمَلِي.
كَلَامُ الْبَاجِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِنْ كِتَابِ سِيَرِ السَّلَفِ أَيْضًا، وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَمِعْت مَنْصُورًا يَقُولُ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ قَالَ: إنِّي جَاعِلٌ لِبَصَرِك طَبَقًا فَإِذَا عَرَضَ لَك أَمْرٌ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ فَأَطْبِقْهُ، وَإِنِّي جَاعِلٌ لِفِيك طَبَقًا فَإِذَا عَرَضَ لَك أَمْرٌ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَنْطِقَ بِهِ فَأَطْبِقْهُ، وَإِنِّي جَاعِلٌ لِفَرْجِك سِتْرًا فَلَا تَكْشِفْهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ لَك، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَصْحَابُ ثَلَاثَةٌ صَاحِبُك، وَصَاحِبُ صَاحِبِك، وَعَدُوُّ عَدُوِّك، وَالْأَعْدَاءُ ثَلَاثَةٌ، عَدُوُّك، وَعَدُوُّ صَاحِبِك، وَصَاحِبُ عَدُوِّك.
وَمِنْ كِتَابِ الْبَاجِيِّ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا يُدْخِلُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مَنْ يَرْجُوهَا، وَإِنَّمَا يُجَنِّبُ اللَّهُ النَّارَ مَنْ يَخْشَاهَا، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ يَرْحَمُ، وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ خَفْ اللَّهَ خَوْفًا لَا تَيْأَسْ فِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَارْجُهُ رَجَاءً لَا تَأْمَنْ فِيهِ مِنْ عِقَابِهِ فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ، وَكَيْفَ، وَإِنَّمَا لِي قَلْبٌ وَاحِدٌ فَقَالَ يَا بُنَيَّ: إنَّ الْمُؤْمِنَ لَوْ شُقَّ قَلْبُهُ لَوُجِدَ فِيهِ نُورُ رَجَاءٍ، وَنُورُ خَوْفٍ لَوْ وُزِنَا لَمْ يَمِلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute