سجد لها قبل بطلت صلاته -كما يأتي- ولا بد في السجود لنقص السنة المؤكدة من كونها داخلة في ماهية الصلاة بخلاف الأذان والإقامة، وشمل كلام المصنف الفاتحة إذا سها عنها في أقل الصلاة فليسجد لها، وإلا فكترك قبلي عن ثلاث سنن على أحد قولين -كما مر- وقد مر أن العمد كذلك راجع ما تقدم عند قوله:"وفاتحة بحركة لسان".
واعلم أن السنن التي يسجد لتركها ثمانية: الجَهْرُ، والسر، والتشهدان؛ الأول والثاني، وشمل الأول مسائل البناء والقضاء، والسُّورةُ، والجُلوسُ الأول، والتّكْبير، والتَّسْميع؛ أي قول: سمع الله لمن حمده، ويسجد لترك الجهر في الفاتحة ولو مرة، وإن كان الجهر في جميع الصلاة سنة واحدة؛ لأن البعض الذي له بال كالكل، ولا يسجد لترك الجهر في السورة مرة واحدة، بل لتركه فيها مرتين: ويسجد لترك تشهد واحد أدى جلوسَه خلافا للمصنف، ويسجد لترك الجلوس ولو واحدا، ولا يسجد لتكبيرة واحدة ولا لتسميعة واحدة، بل لتكبيرتين فأكثر، أو لتسميعتين فأكثر. أو لتكبيرة وتسميعة فأكثر وأما السر فيسجد لتركه بعد السلام على المشهور خلافا لابن القاسم: لأن الجهر فيه معنى الزيادة، وإنما يعتبر في الفاتحة أو ركعتين. كما نص عليه الشيخ المحقق الأمير، وما عدا ما ذكر من السنن كالمندوب في الحكم، فلا يترتب في سهوه سجود. والله سبحانه أعلم. فالتكبيرة الواحدة سنة خفيفة، وتتقوى بإضافة غيرها لها من تكبيرة أو تسميعة أو غيرهما من هذه السنن، وكذا يقال في التسميعة، ونظم بعضهم السنن التي يترتب في تركها السجود، فقال:
سينان شينان كذا جيمان … تاءان عد السنن الثمان
فالسينان: السر والسورة، والشينان: التشهدان، والجيمان: الجهر والجلوس، والتاءان التكبير والتسميع. والله سبحانه أعلم. وقول المصنف:"لسهو" احترز به عن العمد، فإنه لا سجود في ترك السنة المؤكدة عمدا، وهل تبطل أولا؟ قولان كما يأتي للمصنف. أو زيادة، يعني أنه يسجد لنقص السنة بما تقدم من الشروط حيث تمحض نقصها، أو حصل نقصها مع زيادة.