وأن ما عداها كالمندوب لا سجود في تركه، وفهم من قوله:"تشهدين"، أنه لا يسجد لترك تشهد واحد وسينص على ذلك، وسيأتي أن فيه طريقين، وأظهرهما السجود. ومن نسي التشهد حتى سلم، فإن ذكر بقرب السلام رجع وتشهد وسلم وسجد كما في المدونة؛ وهو مبني على أن التدارك لا يفيته السلام، وهو المشهور، وروي عنه أنه يفيته، واستشكل تصور السجود للتشهد؛ لأن الثاني إن ذكره قبل السلام تداركه، والأول وحده لا سجود فيه على ما للمصنف، وأجيب بما تقدم، وبأنه إن ذكره بعد السلام بالقرب رجع وتشهد وسجد قبل، ثم سلم لزيادة سلام، ونقص تشهد واحد وهو الأول، وبأنه أيضا يسجد قبل لترك الأول مع زيادة تأخير الثاني عن محله، ولو لم يكن نقص التشهد الأول سجد بعد السلام لتمحض الزيادة، ولو لم يذكر التشهد إلا بعد الطول لم يسجد؛ إذ لا سجود مع الطول، ولا تبطل صلاته؛ لأن القبلي المرتب عن أقل من ثلاث سنن لا تبطل الصلاة بتركه سهوا مع الطول. والله سبحانه أعلم. وقوله:"وتشهدين"؛ يعني مع إتيانه بالجلوس، وما ذكره المصنف من أن السجود القبلي يعاد فيه التشهد هو المشهور، ودليله ما رواه الترمذي، وحسنه من حديث عمران ابن حصين (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم (١))، والقول بعدم إعادة التشهد لمالك أيضا، واختاره عبد الملك، ووجهه أن سنة الجلوس الواحد أن لا يكرر فيه التشهد مرتين. قاله الإمام الحطاب. وفيه: فإن لم يعد التشهد فالظاهر أنه لا شيء عليه كما يؤخذ من كلام صاحب الطراز، وقوله:"كترك جهر"، هذا هو مذهب المدونة. قال ابن عرفة: وفي سجود ترك الجهر ثلاثة قبل وبعد، ولا سجود لها، وللمازري عن رواية أشهب وسماع القرويين، وعلى السجود لو ذكر قبل ركوعه أعاد صوابا، وفي سجوده سماع عيسى عن ابن القاسم ومحمد عن أصبغ.
(١) الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٥. أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١٠٣٩.