للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلا فبعده؛ يعني أنه إذا تمحضت الزيادة اليسيرة من غير أقوال الصلاة المسنونة تحقيقا أو شكا، فإنه يسن له سجدتان بعد سلامه الواجب، والسنة لحديث ابن مسعود رضي الله عنه (أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا وسجد بعد السلام (١))، ولحديث ذي اليدين (أنه صلى الله عليه وسلم سلم من ركعتين في صلاة العصر ثم قام إلى خشبة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، وخرج سرعان الناس يقولون: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين، واسمه: خرباق، فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن؛ أي في ظني، فقال: قد كان بعض ذلك؛ أي في نفس الأمر، فأقبل صلى الله عليه وسلم على الناس، فقال: أحق ما يقول ذو اليدين، قالوا: نعم: فتقدم فصلى ما ترك، ثم سجد سجدتين بعد السلام (٢)). ودليل النقصان حديث ابن بحينة: قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من اثنتين، ولم يجلس فلما قضى صلاته سجد سجدتين قبل السلام (٣))، ثم مثل للزيادة المشكوك فيها، فأحرى المحققة بقوله: كمتم لشك؛ يعني أنه يسن له أن يسجد بعد السلام فيما إذا أتم صلاته لأجل شك؛ أي عدم يقين فيما صلى، أواحدة أم اثنتين، أو اثنتين أم ثلاثا، أو ثلاثا أم أربعا فيبني على الأقل في جميعها ما لم يكن مستنكحا، ويأتي بما يتمها يقينا وجوبا، فأراد بالشك هنا، وفي الآتية مطلق التردد؛ لأن الوهم معتبر في الفرائض لا في غيرها، فإذا توهم أنه صلى ركعتين وظن ثلاثا عمل على الوهم، وإذا توهم أنه ترك تكبيرتين لم يسجد، ويعتبر الشك فيتم ولو طرأ بعد السلام على أحد قولين. ويظهر من كلام الطراز ترجيح أنه يعتبر كما في الحطاب. قاله الشيخ محمد بن الحسن. والقول الآخر أنه يبني على يقينه الأول، ولا يؤثر طروُّ الشك بعد السلام، وقوله: "كمتم لشك"، بيان للحكم والسجود جميعا.


(١) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٠٤. مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٥٧٢.
(٢) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٨٢. مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٥٧٣.
(٣) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٨٢٩. مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٥٧٠.