قال: وأما من جهر فيما يسر فيه من صلاته ناسيا فلا اختلاف أحفظه في المذهب في أنه يسجد بعد السلام، وسلمه ابن عرفة وابن ناجي في شرح المدونة. انتهى. وأما لو أتى في محل السر بأدنى الجهر فإنه لا سجود عليه.
أو استنكحه الشك؛ يعني أنه إذا استنكحه الشك أي داخله وكثر منه بأن يطرأ عليه كل يوم مرة فأكثر فإنه يسجد بعد السلام، والسجود في هذه مستحب كما مر. ولَهِيَ عنه؛ يعني أنه إذا استنكحه الشك فإنه يجب عليه أن يلهى عنه أي يضرب ويعرض؛ أي يجب عليه أن يعرض عن مقتضاه، فإذا شك فيما صلى هل اثنتين أم ثلاثا، أو ثلاثا أم أربعا؟ فإنه يبني على ثلاث في الأولى وجوبا، ولا يجوز له البناء على اثنتين، بل يأتي بركعة ويسلم، ويبني على أربع في الثانية، ويسجد بعد السلام ندبا فيهما ترغيما للشيطان، فإن لم يله عن الشك المذكور بأن عمل بمقتضاه ولو عمدا أو جهلا لم تبطل، وفتح الهاء لغة طيء، وكسرها لباقي العرب. قاله النووي. وفي الصحاح أنه: بفتح الياء وكسر الهاء فقط. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وفي الصحاح: لهيت بالشيء بالكسر لهيا ولهيانا إذا سلوت عنه وتركت ذكره وأضربت عنه، وألهاه أي شغله، ولهوت بالشيء بالفتح لهوا إذا لعبت به. انتهى. وقوله: ولهي عنه؛ أي وجوبا -كما قررت- لأن الاشتغال به يؤدي إلى الشك في الإيمان. والعياذ بالله تعالى. وقد تقدم أن الاستنكاح هو أن يطرأ عليه كل يوم مرة فأكثر سواء اختلفت صفة إتيانه كأن يأتيه، مرة في نيتها، ومرة في عدد ركعاتها أم لا، فيلفق ما وقع من ذلك، إلا الوسائل مع القاصد فلا تلفق، كأن يأتيه الشك مرة في الطهارة، ومرة في عدد الركعات، فإن لم يطرأ الشك إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح. واعلم أن من تكرر منه إعادة الصلاة لكثرة العوارض من الغفلة وترك الخشوع وغير ذلك، فقد اختلف في ذلك، هل هو محمود أو هو من باب التعمق في الدين؟ انظر الحطاب.
(كطول بمحل لم يشرع فيه) تشبيه في سجود البعدي؛ يعني أن المصلي يسجد بعد السلام فيما إذا حصل منه طول لتفكر متعلق بصلاته زائدا على طمأنينة واجبة وسنة، وكان ذلك الطول في محل لم يشرع التطويل فيه كرفع من ركوع وجلوس بين سجدتين، ومستوفز للقيام على يديه وركبتيه،