للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلشاني قول الجلاب: ومن شك في صلاته فلم يدر سها فيها أم لا فلا شيء عليه، لكنه مقيد بالشك في غير الفرائض، فكلامه ناقص على كلا الاحتمالين، والاحتمال الأول أقرب. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. أو سلم؛ يعني أن من شك هل سلم أو لم يسلم، سلم ولا سجود عليه إن كان قريبا، ولم ينحرف عن القبلة، ولم يفارق موضعه: والمراد بالشك مطلق التردد فيشمل الوهم حيث تعلق بالفرائض.

واعلم أن المراد بالشك حيث تعلق بالفرائض مطلق التردد الشامل للوهم، وأما بالنسبة لغير الفرائض فالمراد به ما لا يشمل الوهم. كما قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. فإن انحرف عن القبلة كثيرا سجد، وإن طال جدا بطلت، وإن توسط أو فارق مكانه بنى بإحرام، وتشهد وسلم وسجد بعد السلام كما سيأتي إن شاء الله. وقال الشيخ محمد بن الحسن في التوسط: إنه لا سجود عليه لأنه طول في محل شرع به التطويل.

أو سجد واحدة في شكه فيه هل سجد اثنتين؛ يعني أنه إذا تحقق أنه سجد سجدة واحدة من سجدتي السهو، وشك في إتيانه بالثانية، فبنى على اليقين بأن سجد واحدة أخرى لأجل دفع الشك، فإنه لا سجود عليه. وقوله: "هل سجد اثنتين"، تفسير للشك أي شك هل سجد اثنتين سجدتي السهو أو لم يسجد إلا واحدة؟ وبما قررت علم أن في الأولى للسببية كما في الحديث: (دخلت امرأد النار في هرة ربطتها لا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض (١)). وعلم أيضا أن هنا معطوفا محذوفا هو والعاطف بعد اثنتين تقديره أو واحدة، وقوله: "سجد"، معطود على قوله: "لا إن استنكحه السهو"، وقوله: "أو سجد واحدة؛ أي لا سجود عليه؛ لأنه لو أمر بالسجود لأمكن أن يشك أيضا فيتسلسل، ولأن الصغر لا يصغر ثانيا، ولو سجد القبلي ثلاثا سهوا ثم تذكر، سجد بعد السلام عند اللخمي، وعند غيره لا سجود عليه في القبلي ولا في البعدي؛ وهو مذهب المدونة كما في الحطاب. والله سبحانه أعلم. وأما البعدي فوافق


(١) البخاري، كتاب بدء الخلق، رقم الحديث: ٣٣١٨. ولفظه: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. مسلم، كتاب السلام، رقم الحديث: ٢٢٤٢.