اللخمي فيه على عدم السجود، ولو شك في السجدتين هل هما للفريضة أو للسهو؟ أتى بأربع سجدات. وحكىَ أن محمد بن المواز قال للكسائي: لم لا تشتغل بالفقه؟ فقال من أحكم علما هداه إلى سائر العلوم، فقال محمد: أنا ألقي عليك شيئا من مسائل الفقه وخَرِّج جوابه من النحو، فقال: هات، فقال: ما تقول في من سها في سجود السهو؟ فتفكر ساعة ثم قال: لا سهو عليه، فقال: من أي أبواب النحو أخرجت منه هذا؟ فقال: من باب التصغير، فإن المصغر لا يصغر، فتعجب من فطنته.
أو زاد سورة في أخرييه؛ يعني أنه لا سجود على من زاد سهوا على الفاتحة سورة في الركعتين الأخيرتين معا، هذا هو المشهور، وقال أشهب: يسجد، وأما في إحدى أخرييه فلا سجود اتفاقا، وقوله:"في أخرييه"، وأولى في عدم السجود لو زاد سورة في أولييه.
أو خرج من سورة لغيرها؛ يعني أنه لا سجود على المصلي إذا كان يقرأ سورة، وخرج منها لغيرها سهوا، ويكره تعمد ذلك ما لم يكن افتتح بسورة قصيرة في صلاة يشرع فيها التطويل، فإن له أن يتركها إلى سورة طويلة، كما في الجلاب. قاله الخرشي. وإذا كره الخروج من رواية إلى أخرى، فأولى من سورة إلى أخرى. قاله التلمساني؛ أي رواية القرآن، وهل في الآية الواحدة، أو ولو في آيتين. وذكر لي بعض الفضلاء أن النووي صرح بالكراهة في الحالتين. قاله الأجهوري. والكراهة خاصة بالصلاة، ولعل وجه ذلك أن في تعددها إعمال خاطره بما يمنعه من الخشوع في الصلاة قاله الشيخ عبد الباقي. وأما القراءة برواية واحدة في الصلاة فلا كراهة فيها، وأما القراءة في الصلاة بالتجويد فمطلوبة لقول ابن الجزري:
والأخق بالتجويد حتم لازم … من لم يصحح القران آثم
وتجويده مراعاة مده، والإدغام بغنة وغيرها، والإظهار، والإخفاء. وقال صاحب البيان: كره مالك إظهار الهمزة في الصلاة، واستحب التسهيل في قراءة ورش؛ لأن ذلك لغة النبي صلى الله عليه وسلم. وكره الترقيق، والروم، والإشمام، وغير ذلك من معاني القرآن. نقله القرافي. انتهى