(أن ابن مسعود رضي الله عنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فلم يرد عليه (١)). والأظهر من القولين عند تعارض الأثرين وجوب رد السلام، إشارة لقول الله عز وجل:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، ومن كتاب ابن سحنون: وإذا سها الإمام فقال له من خلفه: شح سبح، قال: إنما القول سبحان الله، وأرجوا أن يكون هذا خفيفا. ومن الواضحة: ولا بأس أن يسبح للحاجة في الصلاة، فإن جعل مكان ذلك لا حول ولا قوة إلا بالله، أو هلل أو كبر فلا حرج، وإن قال: سبحانه فقد أخطأ، ولا يبلغ به الإعادة. ابن الماجشون: ولا بأس بالمصافحة في الصلاة. قاله الإمام الحطاب. ابن العربي: نزلت نازلة ببغداد في أبكم أشار في صلاته، فقال بعض شيوخنا: بطلت صلاته؛ لأن إشارة الأبكم ككلامه، وقال بعضهم: لا تبطل لأن الإشارة في الصلاة جائزة، وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد: وفي إلحاق إشارة الأخرس بالكلام، ثالثها: إن قصد الكلام. انتهى. ولا فرق في الإشارة بين أن تكون بالرأس أو باليد، قال في المدونة: ولا يكره السلام على المصلي في فرض أو نافلة، وليرد مشيرا برأسه أو بيده، وفهم من قول المدونة: وليرد؛ أن الرد واجب. لا على مشمت؛ يعني أنه لا يرد مصل عاطس بالإشارة على من شمته؛ لأنه إن لم يحمد لم يستحق ردا، وكذا إن حمد فقد فعل مكروها منهيا عنه، والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا، ويكره الرد إشارة على مشمت ولو عطس قبل الإحرام، وحمد جهرا ثم شمته بعد ما أحرم؛ لأن الدعاء لا يحصل بالإشارة، وهو من الشمت؛ وهو الدعاء، وكل داع مشمت. والظاهر أن "لا"، في قوله:"لا على مشمت"، عاطفة محذوفا تقديره: لا رد بإشارة على مشمت، والمعطوف عليه محذوف، والتقدير: ويجوز ما ذكر لا رد بإشارة على مشمت فلا يجوز؛ أي يكره. والله سبحانه أعلم. فإن قلت التشميت فرع سماع الحمد، والفرض أنه لا يحمد، فكيف يشمت؟ فالجواب أن ذلك يمكن فرضه إذا عطس وحمد جهرا قبل الإحرام، ثم أحرم فشمته فإنه لا يرد عليه حينئذ -كما مر قريبا-. والتشميت: قول من سمع العاطس يقول،
(١) البخاري، كتاب العمل في الصلاة، رقم الحديث: ١١٩٩. ولفظه: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا. مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٥٣٨.