الحمد لله رب العالمين: يرحمك الله، وفي التشميت أربعة أقوال، قيل: فرض عين، وقيل: فرض كفاية، وقيل: سنة، وقيل: ندب. والفرق بين الإشارة لابتداء السلام وهو غير واجب اتفاقا مع أنه يشير له في الصلاة -كما مر- ورد التشميت مختلف في وجوبه وندبه، وتكره الإشارة له، لأن التشميت المقصود منه الدعاء، وهو لا يحصل بالإشارة، والسلام المقصود منه الأمان وهو يحصل بالإشارة. قاله غير واحد. وممن قاله، عبد الباقي: قال الرهوني: قول الزرقاني: ورد التشميت مختلف في وجوبه وندبه الخ، هو كلام التوضيح، ولم أر من ذكر التصريح بحكم رد العاطس على من شمته غير كلام التوضيح هذا، ولكن المصنف مطلع ثقة. وظاهر التلقين أنه سنة كحمد العاطس وتشميته، ونصه: ومن سنة العاطس أن يحمد الله، وأن يشمته من سمعه؛ بأن يقول: يرحمك الله، وأن يرد عليه العاطس بأحد لفظين؛ بأن يقول: يغفر الله لي ولكم، أو يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. انتهى. والله سبحانه أعلم.
كأنين لوجع؛ يعني أن الأنين في الصلاة لأجل الوجع، لا شيء فيه؛ فهو تشبيه بالجائز في أنه لا شيء فيه، وليس من أفراد الجائز؛ لأن الفعل الضروري لا يتصف بالحكم الشرعي، وظاهر المصنف عدم البطلان ولو كان من الأصوات الملحقة بالكلام؛ لأنه محل ضرورة.
وبكاء تخشع؛ يعني أن بكاء التخشع لا شيء على الآتي به؛ وقوله:"وبكاء" عطف على قوله: "كأنين"، فهو تشبيه بالجائز في أنه لا شيء فيه، وليس من أفراد الجائز لأن الفعل الضروري لا يتصف بالحكم الشرعي. وبما قررت علم أن المراد بالتخشع الخشوع؛ أي البكاء لخوف الله عز وجل والدار الآخرة، ويقيد بالغلبة، والخشوع، وليس المراد به حقيقة التخشع الذي هو تكلف الخشوع؛ فإنه يكره إظهار التخشع. وفي الحطاب عن سند: وقد اتفق الناس في البكاء للمصيبة والوجع، أنه يقطع الصلاة، ولو نهق ونعق من غير حركة شفتيه ولسانه بطلت، ولو حرك الإنسان شفتيه وشدقيه من غير كلام فلا شيء عليه، والنفخ في الصلاة يبطل عمده كما يأتي. وقد اجتمعت الأمة على أن النفخ لا ينبغي أن يفعل، وإنما اختلف الناس هل هو محرم أو مكروه؟ ولا ينبغي للإمام أن يكثر من البكاء لأنه يشوش على المصلين. وإلا بأن أنَّ لا لوجع، أو بكى بصوت لغير خشوع كمصيبة أو وجع. فبكاؤه كالكلام يفرق بين سهوه وعمده، وقليله وكثيره.