للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخر البعدي؛ يعني أن المأموم المسبوق المدرك ركعة فأكثر لا يسجد البعدي مع الإمام، فإن سجده معه بطلت صلاته -كما مر- والحكم فيه أنه يؤخره حتى يقضي ما عليه، ويسجده بعد سلام نفسه، وقوله: "البعدي"؛ أي ولو في مذهب إمامه. وقد مر أنه إن قدمه جهلا اختلف فيه، هل يلحق بالعمد أو بالسهو؟ وإذا لم تبطل بالسهو فإنه يعيده، وكذا في الجهل على قول ابن القاسم. والأولى أن يقوم المسبوق لقضاء ما عليه حيث كان إمامه عليه بعدي بعد سلام إمامه من صلب صلاته، وهو مذهب المدونة، واختاره ابن الحاجب، وقيل: الأولى أن يقوم من بعد سلام إمامه من سجود سهوه، واختاره ابن القاسم في سماع أصبغ، وقيل بالتخيير. ويجري هذا فيمن أدرك مع الإمام ركعة، قال التتائي: أو أدرك معه التشهد فقط، وغير المسبوق يسجد مع الإمام بعديا أو قبليا، ولا يضره تقديم القبلي في محله مع تأخير الإمام له، وكذا إذا قدم المأموم البعدي كما للبرزلي، وشمل قوله: وبسجود المسبوق مع الإمام قبليا أو بعديا، من أدرك البعدي مع الإمام فأحرم معه ظانا أنه في الصلاة فتبطل. وعلم مما ذكر أن البعدي إنما يخاطب به من أدرك ركعة، فإن لم يدرك ركعة وسجده بطلت، ولو أخره حيث سجده قبل سلام نفسه، وإذا كان الإمام ممن يرى القبلي دائما فينبغي أن يفعله معه، ولا يجوز له تأخيره، كما إذا اقتدى بمن يسجد لفضيلة فيتبعه وليس له ترك السجود، ولو قام للقضاء فذكر الإمام بعديا فرجع له المسبوق بعد اعتداله بطلت صلاته.

ولا سهو على مؤتم حالة القدوة؛ يعني أنه لا سهو أي لا سجود سهو على المأموم بسبب نقص سنة مؤكدة، أو مع زيادة عرض ذلك حالة تبعيته للإمام، وظاهره: ولو سها عن سنن كثيرة لحمل الإمام ذلك ولو نوى عدم حمله، وكذا لا يضر المأموم عمد نقص السنن المؤكدة. وقوله: "ولا سهو على مؤتم حالة القدوة"، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه (١)) أخرجه الدارقطني ولخبر (الإمام ضامن) (٢) أي للقراءة وسجود


(١) الدارقطنى، ج ١ ص ٣٧٧. ط، دار المحاسن ١٩٦٦.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٥١٧. الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٢٠٧.