للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخفيفتين كتكبيرة واحدة. وقد مر أن المأموم لا تبطل صلاته بتعمد ترك سنة مؤكدة، بل لا تبطل ولو ترك السنن كلها فهو خارج عن الخلاف، كما علمت. ومفهوم واحدة أنه لو ترك الفذ أو الإمام أكثر من واحدة أو ما يقوم مقامها، بطلت باتفاقهما، كما عند ابن رشد، ولكن ذكر سند عن المدونة أن: من ترك السورة في الأوليين استغفر الله ولا شيء عليه، وإن ترك سنة مختلفا في وجوبها وسنيتها كالفاتحة فيما زاد على الجل، بناء على وجوبها في الجل، فتبطل بتركها عمدا في الزائد عليه مراعاة للقول بوجوبها في الكل. قال الشيخ بناني: تقدم عن اللخمي الخلاف في سجود السهو لتركها عمدا، وقال القلشاني: وعلى وجوب الفاتحة في الأكثر، قال اللخمي: هي في الأقل سنة فيسجد لتركها سهوا قبل، ويختلف إذا تركها عمدا، هل تبطل الصلاة أو تنجبر بالسجود على ترك السنن عمدا؟

وعلم مما قررت أن محل الخلاف خمسمة أشياء؛ أولها: أن تكون السنة داخلة في ماهية الصلاة لا خارجة عنها، كأذان وإقامة فلا تبطل بتعمد تركهما. ثانيها: أن تكون مؤكدة أو ما يقوم مقامها من السنتين الخفيفتين كتكبيرتين لا تكبيرة لغير عيد. ثالثها: كون المتعمد للترك إماما أو فذا رابعها: أن لا يترك أكثر من واحدة، وإلا بطلت قطعا على ما مر خامسها: أن يتفق على سنيتها لا فاتحة على ما مر. والله سبحانه أعلم.

واعلم أن الإمام يحمل عن المأموم كل شيء فلا يضره ما ترك عمدا أو سهوا؛ أي لا يبطل عليه إلا تكبيرة الإحرام، والسلام، والركوع، والسجود، والرفع منه، وجلوس السلام ونحو ذلك، ولكنه أساء في تعمد الترك مع صحة صلاته. وعلم مما مر أيضا أن محل الخلاف إنما هو في السنن الثمانية التي تقدم ذكرها، وهي السنن الموجبة للسجود، والمشار إليها بقوله:

سينان شينان كذا جيمان … تاءان عد السنن الثمان

وقال الرهوني بعد جلب كثير من النقول: فإذا تأملت ما سبق كله ظهر لك أن الراجح القول بالصحة؛ لأنه نص قول ابن القاسم، وروايته: عن مالك في المدونة وغيرها، وشهره ابن عطاء