للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدا مع أنه طريق، والأخرى لا بد منه لا في النية، خلاف ما يوهمه التتائي من أن اختلاف الطريقتين في الإحرام بمعنى النية والتكبير معا، فلا يعول عليه لاتفاقهما على النية مع القرب جدا. انتهى. نقله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ محمد بن الحسن: في الاتفاق نظر، بل النية إنما يحتاج إليها عند من يرى أن السلام مع اعتقاد الكمال يخرج من الصلاة، وهو قول مالك وابن القاسم، لا عند غيره. انظر المواق، والتوضيح، والحطاب، فالرد على التتائي غير صحيح. والحاصل أنهما طريقان، الأولى للباجي عن ابن القاسم عن مالك: وجوب الإحرام ولو قرب جدا، والثانية لابن بشير: الاتفاق على عدم الإحرام إن قرب جدا، والظاهر مما ذكرناه أن اختلافهما في الإحرام بمعنى النية والتكبير، كما يقول التتائي، لا في التكبير فقط كما يقوله غيره. والله أعلم. انتهى. ونقض الرهوني ما للبناني، وأقر ما لعبد الباقي والله سبحانه أعلم.

وجلس له؛ يعني أن من سلم من اثنتين، وتذكر ما بقي من صلاته قائما، يجلس ثم بعد أن يجلس يكبر؛ لأنها الحالة التي فارق منها الصلاة. قاله ابن شبلون. وقال ابن القاسم: يكبر قائما ثم يجلس، وأنكره ابن رشد واستظهر قول ابن شبلون، ولذا قال: على الأظهر؛ وقيل: يكبر قائما أي ويستمر قائما. والله سبحانه أعلم. وأما إن سلم قبل عقد ركعة، أو بعد عقدها، أو عقد ثلاث فإنه يرجع إلى حال رفعه من السجود، ويحرم حينئذ. وظاهره: ولو كان جلس قبل المفارقة، وهو الظاهر لأنه جلوس في غير محله، وكذا لو لم يسلم حتى استقل قائما، فإنه يرجع لحال رفعه من السجود، ويحرم منه فيما يظهر، وتكون حركته كلها مقصودة للركن المكمل. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الإمام الحطاب عن الهواري: إنه إذا سلم من الاثنتين يكبر وهو جالس، ثم يكبر تكبيرة أخرى للقيام يريد بعد أن يستوي قائما. انتهى. ثم قال: وإن سلم على ركعة أو ثلاث ولم يحدث ولم يطل فهو بمنزلة من سلم على ركعتين في كل ما قررناه. انتهى. وقوله: وجلس له؛ أي للإحرام. وقد علمت أنه يجلس بغير تكبير، فإذا جلس كبر، وقوله: "وجلس له"، الظاهر أن حكم الجلوس الوجوب، ولكن لا تبطل بتركه فيما يظهر، مراعاة لقول من يقول: يحرم قائما.