للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من صلى تحية ثم خرج لحاجة ثم رجع بالقرب، فهل يكرر التحية؟ ذكر ابن ناجي في شرح المدونة في كتاب القذف [نظائره (١)] هل تكرر أم لا؟ منها هذه، ثم قال: وهذا كله بخلاف السلام، فإني لم أر فيه خلافا، بل يسلم على من لقي ولو لم يحل بينهما إلا شجرة، على هذا مضى السلف وقبله شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي، وكان يفتي به، وهو صواب لتأكد السلام. انتهى. وقال ابن فرحون في شرحه على ابن الحاجب: لو ركع عند دخوله، ثم جلس، ثم عرضت له حاجة، فقام إليها خارجا عن المسجد، ثم رجع بالقرب لم يلزمه أن يركع ثانية. وجاز ترك مار؛ يعني أن من لا يريد المكث في المسجد لا يطلب بالتحية، فلذا جاز لمن مر بالمسجد لا يريد جلوسا به أن يترك التحية، بل هو غير مخاطب؛ وهي من النفل المطلق فلا تفتقر لنية، ويجوز المرور بالمسجد كما في المدونة، وقيدها بعضهم بما إذا لم يكثر، وإلا منع؛ أي كره -فيما يظهر- وهو من أشراط الساعة، وهذا إذا كان سابقا على الطريق -كما في التتائي- لأنه تغيير للحبس. قاله الشيخ عبد الباقي. وفي الإعلام: وسئل ابن عرفة، هل يجوز اتخاذ المسجد طريقا أم لا؟ فأجاب بجوازه، وكان الشيخ ابن عبد السلام البودري يفعله فعيب عليه ولا يفهم من المصنف الجواز، ولو صلى المار ركعتين في المسجد كانتا نافلة غير تحية لعدم خطابه بها.

قال جامعه عفا الله عنه: والظاهر أنه إذا نوى بركعتين تحية المسجد، فإنه لا يكره له ذلك، لقوله: "وجاز ترك مار"؛ إذ مقتضاه جواز فعلها. والله سبحانه أعلم. ولما كانت التحية غير مقصودة لذاتها، بل لتمييز المساجد عن البيوت، فمتى حصل إكرام البقعة بصلاة أي صلاة، حصل المقصود منها، أشار إلى ذلك بقوله: وتأدت بفرض؛ يعني أن تحية المسجد تتأدَّى أي تحصل بصلاة الفرض فيه، ومعنى ذلك أنه تسقط المطالبة بتحية المسجد بسبب إيقاع صلاة الفرض فيه؛ أي يقوم الفرض مقامها في إكرام البقعة وإسقاط الطلب مطلقا، وأما الثواب فإنما يحصل إذا نوى به الفرض والتحية، أو نوى الفرض نيابة عنها حيث طلبت. النووي: ولا يكفي


(١) في الحطاب ج ٢ ص ٣٣٠ ط دار الرضوان نظائر هل تكرر الخ.