عن التحية صلاة جنازة ولا سجود تلاوة ولا شكر على الصحيح، وقال بعض أصحابنا: يكفي. انتهى. وقوله:"بفرض"، نص على التوهم، فالسنة والرغيبة كذلك؛ لأنها إذا تأدت بغير جنسها فبجنسها أولى، وهي لم تقصد لذاتها بل لتمتاز المساجد عن البيوت، وحينئذ فتحصل بأي صلاة ولو لم يلاحظ التحية. وقال الشيخ الأمير: وسقطت؛ يعني التحية بمطلق صلاة إلا الجنازة، وحصل ثوابها إن لاحظها وإلا فلا، وإن سقط الطلب.
وبدء بها بمسجد المدينة قبل السلام عليه صلى الله عليه وسلم؛ يعني أنه يندب لمن دخل المسجد النبوي أن يبدأ بالتحية للمسجد قبل أن يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد أن يركع التحية يسلم عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنها حق الله، والسلام عليه صلى الله عليه وسلم حق لمخلوق، وحق الله آكد، وإن كان كل منهما مندوبا؛ ولأن من جملة إكرامه صلى الله عليه وسلم، امتثالَ أوامره: والركعتان مما أمر به. وما قررت به كلام المصنف هو أحد قولي مالك، وبه أخذ ابن القاسم. وقيل: يجوز البدء بها؛ وهو قوله الثاني، ولم يأخذ به ابن القاسم. وعليه فيعطف على "ترك" من قوله: "وجاز ترك مار"، وإذا كان يبدأ بتحية المسجد قبل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بغيره؟ فيبدأ بالتحية قبل السلام على غيره، ولذا قال الشيخ المحقق الأمير: وندب البدء بها قبل السلام، وإن على النبي صلى الله عليه وسلم فظاهره يشمل مسجد المدينة وغيره، وذلك واضح، قال في شرحه بعد قوله:"قبل السلام"، إلا أن يخشى الشحناء. انتهى.
وإيقاع نفل به بمصلاه صلى الله عليه وسلم؛ يعني أنه يندب لمن في المسجد النبوي أن يوقع نفلا به أي بمسجد المدينة بالموضع الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقوله:"به"؛ أي بمسجد المدينة، والباء للظرفية: وقوله: "بمصلاه"؛ أي بالوضع الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الشيخ إبراهيم عند قول المصنف:"بمصلاه": كان اللائق أن يأتي بالواو لأنه مندوب ثالث. انتهى. والظاهر أن معنى ذلك أن النفل مندوب، وإيقاعه بمسجد المدينة مندوب ثان، وإيقاعه بالمصلى النبوي منه مندوب ثالث. والله سبحانه أعلم. وقوله:"بمصلاه"؛ هو العمود الخلق عند ابن القاسم لا عند مالك، لكنه أقرب شيء إليه، وقد يجمع