واعلم أن المصلي بالنسبة إلى الصف الأول والبكرة إلى المسجد على أربعة أقسام: رجل أتى أول الوقت وصلى في الصف الأول فهذا أشرفها، وعكسه شرها، ورجل أتى آخر الوقت وصلى في الصف الأول، وعكسه قيل هما على حد السواء، وقال ابن العربي: عندي أن الأول منهما أفضل من الثاني. ابن ناجي انتهى.
قال القرافي: الصف الأول معلل بثلاث علل: سماع الإمام، وإرشاد الإمام، وتوقع الاستخلاف؛ وهي موجودة في الثاني، والثالث مما يلي الإمام فيكون أفضل من طرفي الصف الأول. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وفي الشبراخيتي: والمراد بالصف الأول: الصف الذي يلي الإمام، كذا في الحاشية، فإن كان بين الناس والإمام حائل كالمقاصير التي أحدثها الناس، فالصف الأول الذي يلي المقصورة، ذكره القرطبي، وما ذكره في المقصورة ينبغي حمله على ما يفتح تارة ويغلق، أخرى فإن كانت تفتح دائما فلا يضر الفصل بها. وأول من أحدث المقصورة؛ مروان بن الحكم حين طعنه اليماني، فجعل مقصورة من طين، وجعل فيها تشبيكا. قال ابن رشد: واتخاذها في الجامع مكروه، وشمل المقصورة التي تغلق أبدا: المنبر حيث كان لا يمر فيه، أو فيه ممر ولا يصلى فيه، وليس في المذهب قول بأن الصف الأول ما يلي الإمام مطلقا كما يفيده كلام ابن عرفة. انتهى. والظاهر أن معنى قوله: مطلقا، كان ما يلي الإمام من الصف الأول أم لا كما مر عن القرافي. والله سبحانه أعلم.
وتحية مسجد مكة الطواف؛ يعني أن تحية مسجد مكة لمن دخله محرما بحج أو عمرة، سواء كان آفاقيا أو مقيما، أو كان مقيما وأراد الطوافَ، الطوافُ لقدومه، أو إفاضته، أو عمرته، أو لما أراده. وأما المقيم إذا دخل للصلاة أو لشاهدة البيت، فتحيته ركعتان كغيره من المساجد. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي، وتحية مسجد مكة الطواف، لمن طلب به ولو ندبا، أو أراده آفاقيا فيهما أم لا، أو لم يرده وهو آفاقي؛ فهذه خمس صور، فإن كان مكيا ولم يطلب بطواف ولم يرده، بل دخله لصلاة أو لشاهدة البيت، فتحيته ركعتان إن حل النفل، وإلا جلس كغيره من المساجد. انتهى. وقال الشيخ محمد بن الحسن: ظاهر كلام المصنف أن التحية هي الطواف لا الركعتان بعده، وظاهر كلام القلشاني أن تحيته هي الركعتان بعده، ولكن زيد عليهما