للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطواف. انتهى. وقال الشيخ الأمير: إن التحية تسقط بالطواف؛ وهو للآفاقي أفضل من الركعتين لفواته. انتهى. قوله: أفضل، صريح أو كالصريح في أن تحية مسجد مكة تحصل بالركعتين للآفاقي، ولكن كونها الطواف أفضل. وظاهر كلام المصنف أنها إنما تكون بالطواف. وقد مر كلام الشيخ محمد بن الحسن عن القلشاني، وقال الشيخ الأمير: ويؤيد كون الطواف تحصل به التحية المبادرة به، وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}، والركعتان تبع له، وعلى ما للشيخ محمد بن الحسن: إن ركعهما خارجه لم يأت بالتحية، وفي الحطاب: فإذا دخل المسجد الحرام من يريد الطواف وطاف أجزأه ذلك عن التحية، وهذا لا إشكال فيه. وفيه: أن التحية لا تفتقر لنية تخصها؛ فأي صلاة حصلت عند دخول المسجد كفت عن التحية، فريضة كانت أو نافلة، ومن كان مجلسه بعيدا عن باب المسجد، قيل: يصلي التحية يعني عند دخوله، ثم يمضي إلى موضعه، ومفهوم قوله: مكة أن مسجد غير مكة تحيته ركعتان، ولا إشكال في ذلك، لخبر: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين (١) وفيه: وسئل مالك عن الحاج يدخل المسجد الحرام، فيريد أن يبدأ بركعتين قبل الطواف بالبيت؟ قال: بل يبدأ بالطواف بالبيت أحب إلي؟ قيل له: أيبدأ بالطواف أحب إليك؟ قال: نعم، قال ابن رشد: إنما استحب ذلك؛ لأنها من السنة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر أنه: (لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم البيت، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، فجعل المقام بينه وبين القبلة، وصلى ركعتين، ثم رجع إلى الركن واستلمه، وخرج من الباب إلى الصفا، وقال: نبدأ بما بدأ الله فبدأ بالصفا (٢)). انتهى. وفيه عند قول المصنف: "وتحية مسجد مكة الطواف"، وهذا في حق القادم المحرم فإنه يطلب منه إذا دخل المسجد الحرام البداءة بطواف القدوم إن كان محرما بحج أو قران أو بطواف العمرة، إن كان محرما بعمرة وبطواف الإفاضة إذا دخله بعد الرجوع من عرفة، ولا يطلب منه الركوع عند


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧١٤. البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١١٦٣.
(٢) من حديث جابر، وهو حديث طويل. مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث: ١٢١٨.