الذاهب العقل، وللشيخ علي الأجهوري. ومن تبعه هنا كلام غير ظاهر، حيث قال: ببطلان صلاة المقتدي بالمجنون إذا أم في حال إفاقته. والله أعلم.
أو فاسقا بجارحة؛ يعني أنه تبطل الصلاة باقتداء بمن بان فاسقا بجارحة، "والباء" في قوله: "بجارحة"، للاستعانة، ككتبت بالقلم، والفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى، بارتكاب الكبائر. وإنما بطلت صلاة المقتدي بالفاسق بجارحة، لما ورد من:(أئمتكم شفعاؤكم). والفاسق غير صالح للشفاعة، وهذا يغني عن قوله: بمن بان كافرا، على أنه قال في التوضيح: ولا ينبغي أن يعد من شروط الإمامة إلا ما كان خاصا بها، فلا يعد الإسلام ولا العقل؛ لأنهما شرط في مطلق الصلاة، وما ذكره المصنف من بطلان صلاة المقتدي بالفاسق هو الذي شهره ابن بزيزة. وقد علمت أن الفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى بارتكاب الكبائر، والرتكب كبيرة كعاق، وقاذف، وغاصب، ومن طلق زوجته ثلاثا وأقام معها، وسارق، وقاتل، وزان، ولائط، وكاشف لعورته بين يدي من لا يجوز له النظر إليها، وأخذ المرتبات من جباة الخازن كمكاس، ودفع دراهم لزوجته تدخل بها الحمام مع نساء متجردات، وإمامة، أو كتابة لظالم. قال الشيخ عبد الباقي: ولعل المراد كما يفيده نقل المواق: كتابة ما يظلم فيه، لا كتابة كتاب بأجرة، وسأل إنسان عطاء، فقال: إن لي صاحب سلطان يكتب ما يدخل وما يخرج أمين على ذلك إن ترك قلمه صار عليه دين، قال: أو ما تقرأ: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ}، لِيَرْمِ بقَلَمه، فإن الله آتيه برزقه. واعلم أن الصغيرة لا يفسق بها إلا مع الإصرار لانقلابها حينئذ كبيرة.
فائدة: اعلم أن استحلال المعصية كفر صغيرة أو كبيرة، وكذا الاستهانة بها -كما يأتي قريبا- وفي المنذري في ترجمة الترهيب من ارتكاب الصغائر ما نصه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم ومحقرات الذنوب، وفي حديثه: وهي الموبقات (١))، وروي غير هذا، وبهذا تعلم أن لا يتهاون بالصغيرة خلاف ما يقوله بعض الجهلة، ويأتي قول بعض المعتزلة: لا يقع التعذيب