للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي دخل فيه، قال الشيخ عبد الباقي ما معناه أنه: يدب ليدرك الصف قبل الرفع ولو خببا، واغتفر فيها وإن كانت أحقَّ بالسكينة من خارجها؛ لأن إحرامه يمنع من إذهاب السكينة غالبا؛ فهو وازع فيها أي كافٌّ عن إذهاب السكينة بخلاف خارجها، فيكره -لما مر- انتهى المراد منه. قال الشيخ بناني: قال أبو علي: هذا في غاية البعد أو فاسد، وذلك لأن الخبب إنما كره كما لابن رشد ليلا تذهب سكينته، وإذا كره الخبب خارج الصلاة، فكيف به فيها؟ هذا لا يقوله من له أدنى تحصيل، والجواب الحق: -والله أعلم- أنا إنما أمرناه بالركوع في هذه الحالة ليلا يخيب ظنه فتفوته الركعة، بخلاف ما إذا ركع فقد حصل له العقد مع الإمام ثم يدب؛ فإن وصل فبها ونعمت، وإلا دب في الثانية، وهكذا كما قاله شراحه. وأما إن قلنا: سر حتى تصل واركع، فربما يخيب ظنه، فلا يصل حتى يرفع، فتفوته تلك الركعة. انتهى.

لآخر فرجة؛ يعني أنه إذا كانت في الصف فرجة واحدة، فإنه يدب إليها فيسدها، وإذا تعددت، الفُرَج فإنه يدب لآخر؛ أي أبعد فرجة بالنسبة له؛ وهي أقرب فرجة بالنسبة إلى الإمام. والفرجة بضم الفاء وفتحها: الخلاء بين الشيئين، قاله الشيخ إبراهيم. وما قررت به قوله: "لآخر فرجة": هو للشيخ عبد الباقي، فإنه قال: "لآخر فرجة"، بالنسبة لِجِهَتِهِ، وهي بالنسبة إلى الإمام أُولَى، سواء كانت أمامه ويخرق الصفوف، أو عن يمينه أو يساره. وقال الشيخ إبراهيم: "لآخر فرجة" تليه وسواء كانت الفرجة أمامه أو عن يمينه أو يساره. وقال ابن حبيب: لأولها إلى الإمام. انتهى. وقال الإمام الحطاب: قال ابن حبيب: أرخص مالك للعالم أن يصلي مع أصحابه بموضعه ببعد من الصفوف، فإن كانت في الصفوف فرج فليسدها. وفي الصحيح: (من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (١)). والله أعلم. قاله الشيخ زروق في شرح الإرشاد. انتهى. قائما. حال من الضمير الستتر في يدب؛ أي يدب إلى الصف قائما في رفعه من الركوع حيث خاب ظنه، هذا ظاهره، وهو ظاهر المدونة، وابن الحاجب. والذي لابن رشد: أنه يدب قائما في


(١) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٦٦٦. والنسائي، كتاب الإمامة، الحديث: ٨١٩.