عبد الباقي ما يفيد ترجيح القول الأول، وفيه أن ابن عرفة رجح الثاني، حيث قال: وفي إعادتهم إن جمعوا، ثالثها إن بقي أكثرهم، لابن الجهم، وسماع القرينين، والشيخ. انتهى. قال الشيخ بناني: لا ترجيح في كلام ابن عرفة الذي ذكره إلا ما يفيده عزوه لسماع القرينين.
وجاز لمنفرد بالمغرب يجدهم بالعشاء؛ يعني أنه يجوز أي يندب الجمع لمن صلى المغرب في بيته أو غيرد منفردا عن الجماعة الذين يجمعون، فيصدق بمن صلاها منفردا أو مع جماعة غيرهم إذا وجد القوم يصلون العشاء فيصليها معهم إن كان يدرك معهم ركعة فأكثر لفضل الجماعة. قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. قال الإمام مالك في المدونة في الرجل يصلي في بيته المغرب في الليلة المطيرة، ثم يأتي المسجد والناس يجمعون وقد صلوا المغرب ولم يصلوا العشاء: إنه لا بأس أن يصلي معهم. وقد روي عن ابن القاسم أنه إن صلى معهم أعاد في الوقت وغيره. قاله الحطاب. وقال ابن عبد الحكم، وأصبغ، وابن حبيب ومثلُه في المختصر لا يصليها معهم، فإن دخل أساء، ولا يعيد لأنه مما اختلف فيه. قاله تاج الدين بهرام. قوله:"وجاز لمنفرد"، بناء على أن نية الجمع تجزئ عند الثانية، واغتفر ذلك للتبع وحينئذ فلا إشكال. وفهم من قوله:"لمنفرد"، بالمغرب أنه إن لم يكن صلاها لم يدخل معهم في العشاء، بل يؤخرها لأن الترتيب واجب، ولا يصلي الأولى في المسجد لأنه لا يجوز أن تصلى فيه صلاة مع صلاة الراتب. قاله غير واحد. ولمعتكف بالمسجد؛ يعني أنه يجوز لمعتكف بالمسجد أي مقيم به معتكفا أو غيره، أو غريب بات به أن يجمع تبعا للجماعة، ولهذا إذا كان المقيم إماما لم يجز له أن يصلي بهم، بل يستخلف ويجمع مأموما، أشار له الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الأمير: ولمقيم بالمسجد تبعا، واستخلف إن كان الإمام، فإن التابع لا يصير متبوعا، فإن لم يجد صالحا أي للإمامة صلى بهم.
ونقل ابن عبد السلام والتوضيح أن استخلاف الإمام مستحب، واعترضه ابن عرفة بأنه لا يعرف القول بالاستحباب، وبأن ظاهر عبد الحق الوجوب، ومثل الأخير في التوضيح، وسلمه الحطاب وغيره، وقال المسناوي، قد يقال جوابا عن ابن عبد السلام: أن مصب الاستحباب في كلامه هو استخلاف الإمام المعتكف، لا تأخره عن الإمامة، كما فهمه من اعترض عليه، وكلامه في ذلك