طائفتين؟ فقال أشهب في مدونته: لا يفعل لأنه يتعرض أن يفتنه العدو أو يشغله، فإن فعل أجزأه وأجزأهم، وفي كتاب مسلم:(أن العدو لما كان في القبلة صف النبي صلى الله عليه وسلم الناس خلفه صفين، كبر وكبروا معه، وركع وركعوا معه، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه خاصة، ثم قام وقام الصف الذي سجد معه، وانحدر الصف المؤخر فسجد، ثم قاموا وتقدم الصف المؤخر وتأخر الصف القدم، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركع جميعهم معه، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه الذي كان مؤخرا، وأقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر فسجدوا، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم بهم جميعا (١))، وهذه صفة حسنة وليس يخشى فيها ما يخشى إذا كان سجودهم كلهم معا. انتهى. ونقله أبو عمر في الكافي. انتهى كلام ابن غازي. وقوله:"رخص لقتال" الخ، هذه الرخصة إحدى خمس سنن في الفرض، وهي: الجمع برفة، وبمزدلفة، والقصر، وصلاة الخوف، والجماعة. وعلمهم، الواو للاستئناف واللام مشددة؛ يعني أنه يجب على الإمام أن يعلمهم كيف يفعلون في صلاتهم خوف التخليط لعدم إلفها؛ ولأن المحل محل دهش والخوف يشمل الشك والوهم، ويندب التعليم إن تحقق علمهم بكيفيتها لاحتمال نسيانهم في تلك الحالة الفظيعة؛ إذ هي حالة شديدة، قال الشاعر:
في موضع ذرب الشبا وكأنما … فيه الكماة لدى الهياج على لظى
وصلى بأذان وإقامة، هذه الجملة عطف على قوله:"وعلمهم"؛ يعني أن الإمام يصلي بأذان وإقامة لكل صلاة، أما الإقامة فسنة، وأما الأذان فسنة في الحضر كالسفر إن كثروا وطلبوا غيرهم، وإلا فندب. قاله الشيخ عبد الباقي. بالأولى في الثنائية ركعة؛ يعني أن كيفية صلاة الخوف هي: أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة حيث كانت الصلاة ثنائية؛ أي ركعتين أصالة كالصبح، والجمعة
(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الخوف، رقم الحديث: ٨٤٠.