ويتم من خلفه، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة ويسلم، وأما لو أحدث بعد تمام قيامه ولو عمدا فصلاتهم صحيحة تامة، فلا يستخلف عليهم لانقطاع تعلقه بهم، فإذا أتموا وذهبوا أتت الطائفة الأخرى بإمام يقدمونه كما في الحطاب.
ساكتا أو داعيا أو قارئا؛ أحوال من فاعل قام؛ يعني أنه إذا صلى ركعة وقام، فإنه بالخيار بين أن يسكت وبين أن يدعو بما عَنَّ له، والأولى أن يدعو بالنصر والفتح وبين أن يقرأ بما يعلم أنه لا يتمه حتى تأتي الطائفة الثانية، وهل يقرأ الفاتحة أو يؤخر قراءتها حتى تجيء الطائفة الثانية؟ خلاف، وقوله:"أو داعيا"، قال في التوضيح: ولا يتعين الدعاء، بل وكذلك التسبيح والتهليل وبذلك صرح ابن بشير. نقله الإمام الحطاب. وقوله: في الثنائية، متعلق بقام؛ أي يقوم في الثنائية حال كونه مخيرا بين الأمور الثلاثة، وأشار إلى ما يفعله في غير الثنائية بقوله: وفي قيامه بغيرها تردد؛ يعني أن الشيوخ اختلفوا فيما يفعل الإمام إذا صلى ركعتين في الرباعية أو الثلاثية، فقال ابن القاسم ومطرف: يقوم منتظرا الطائفة الثانية وهو المشهور ومذهب المدونة، وقيل: يجلس حتى تفرغ الطائفة الأولى من بقية صلاتها أفذاذا؛ وهو لابن وهب، وابن كنانة، وابن عبد الحكم، حكى هذين القولين ابن بشير، وصاحب الإكمال، وحكيا الاتفاق على قيامه في الثنائية، وعكس ابن بزيزة فحكى الاتفاق على استمراره جالسا في غير الثنائية. وفي قيامه في الثنائية قولين، وإلى هذين الطريقين؛ أي طريق ابن بشير وصاحب الإكمال الذين حكيا الاتفاق على قيامه في الثنائية والخلاف في غيرها، وطريق ابن بزيزة الذي حكى الخلاف في الثنائية والاتفاق على استمراره جالسا في غيرها، أشار المصنف بالتردد؛ فهو تردد للمتأخرين في النقل، والطريقة الأولى أصح لموافقتها المدونة.
واعلم أنه إن قام في الثنائية خير في الثلاثة التي ذكر المصنف، وإن قام في غيرها خير بين السكوت والدعاء، ولا يقرأ؛ لأن قراءته بأم القرآن فقط، فقد يفرغ منها قبل مجيء الطائفة الثانية، وهي لا تكرر في ركعة، وأما على القول بالجلوس فلا تتوهم القراءة ولا الدعاء؛ لأنه لا دعاء في الجلوس الأول، وإنما يخير بين الذكر والسكوت. كما قاله الباجي. وذكر بعض الشراح