للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو غيره، فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت (١)).

وفي رواية: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال: فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس (٢)). وروى في التيسير عن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها: (شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلي، ووعد الناس يوما يخرجون فيه، قالت: فخرج حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله تعالى، ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستيخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله تعالى أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قرة وبلاغا إلى حين، ثم رفع يديه حتى ريء بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وحول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل وصلى ركعتين، فأنشأ الله تعالى سحابا فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم نأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبده ورسوله (٣)). انتهى. وفي هذا الحديث دليل لمقابل المشهور أن الخطبة قبل الصلاة. والله سبحانه أعلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: (أصابنا مطر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: لم صنعت هذا؛ قال: إنه حديث عهد بربه (٤)). أخرجه أبو داود، قاله في التيسير.

وقد مر أن مراده بالستة: الإمام مالك، والشيخان: مسلم والبخاري، وأصحاب السنن: الترمذي وأبو داود والنسائي. والله تعالى أعلم. مستقبلا، حال من الضمير في قوله: "وبالغ"؛ يعني أن


(١) التيسير، ج ٢ ص ٢٢٢.
(٢) التيسير، ج ٢ ص ٢٢٢.
(٣) التيسير، ج ٢ ص ٢٢٣.
(٤) التيسير، ج ٢ ص ٢٢٣.