الإمام في صلاة الاستسقاء إذا كان يدعو فإنه يستقبل القبلة في دعائه وظهره إلى الناس. ثم بعد الفراغ من الخطبة واستقباله للقبلة على المشهور، وقيل: إذا أشرف على فراغها، وقيل: بين ظهرانيها، وقيل: بعد صدر منها. قاله الشيخ الراهيم.
حول رداءه يمينه يساره؛ يعني أن الإمام إذا فرغ من الخطبة واستقبل القبلة يحول رداءه: بأن يجعل ما على اليمين على اليسار، وما على اليسار على اليمين، ويبدأ في ذلك بيمينه، فيأخذ ما على عاتقه الأيسر مارًا به من ورائه، ويجعله على عاتقه الأيمن، وما على الأيمن على الأيسر تفاؤلا بتحويل حالهم من جدب إلى خصب، ويلزم من هذا التحويل قلبه، فيصير ما يلي ظهره للسماء وما يليها على ظهره.
بلا تنكيس؛ أي يكره تحويله على التنكيس، يجَعْلِ حاشيته التي على كتفيه جهة عجزه، وحاشيته السفلى على كتفيه، وكره ذلك خوف التفاؤل بقوله تعالى:{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}، وسواء على هذا المكروه بقي ما لجهة السماء على حاله أو جعله لجهة ظهره. واستظهر الشارح نصب يمينه يساره بعامل محذوف؛ أي يجعل يمينه يساره وجوز فيه البدلية؛ أي بدلية البعض من الكل؛ وجَوَّزَ نصبه بإسقاط الخافض أي بجعل ما على يمينه على يساره، وعليه فالضمير لفاعل التحويل؛ وعلى الأولين للرداء. قاله الشيخ سالم. قاله الشيخ عبد الباقي. واعلم أن الإمام إذا فرغ من خطبته استقبل القبلة قائما، وجعل ظهره للناس، ويحول رداءه، ثم يدعو فالدعاء بعد التحويل، والتحويل بعد الاستقبال، وكلام المصنف كالصريح في أن التحويل بعد الدعاء، وهو قول، لكنه ضعيف، وهو المناسب لكون التحويل من الجدب إلى الخصب بعد الدعاء الراد للقضاء، كما في الخبر (١)). والمذهب تأخير الدعاء عن التحويل، فيخطب، ثم يستقبل، ثم يحول، ثم يدعو، وهذه الأربعة مرتبة، وحيتئذ "فثم" هنا للترتيب الذكري، وهذا الذي ذكرت أنه المذهب: هو الذي في المدونة والرسالة وغيرهما، قال البناني: ويمكن أن يجاب عن المصنف، بأن قوله:"ثم حول"، عطف على قوله:"مستقبلا"؛ أي ثم بعد الاستقبال حول رداءه.
قال جامعه عفا الله عنه: انظر هذا الجواب، فإنه فيه ما فيه. والله سبحانه أعلم.
(١) لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر. الترمذي، كتاب القدر، الحديث: ٢١٣٩.