للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حينئذ فمقبولة فيهما، وهل كذا توبة المؤمن من ذنبه عند الغرغرة؛ وعليه جماعة، أو لا؟ وعليه النووي؛ وهو ظاهر خبر: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (١) خلاف قوله: وكذا المسلم الخ. قال الشيخ محمد بن الحسن: هذا قول الشيخ أبي الحسن الأشعري، ونسبه ابن جزي لجمهور العلماء، ومقابله عدم القطع للقاضي أبي بكر الباقلاني، وقوله: بخلاف المؤمن يتوب بعد طلوعها إلى قوله فمقبولة الخ، ما ذكره من التفصيل به، قال: جمع من الحنفية حملوا ما ورد من عدم قبول التوبة بعد طلوع الشمس وعند الغرغرة على الكافر دون المؤمن والذي عليه الجمهور عدم قبول التوبة من المعصية ومن الكفر عند الغرغرة، وكذا عند طلوع الشمس من مغربها، وبه فسر {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الآية. الجزولي: التوبة مما خصت به هذه الأمة؛ لأنه كان من قبلنا إذا أذنب العبد ذنبا يجدد مكتوبا على باب داره وكفارته كذا اقتل نفسك (٢) أو افعل كذا. انتهى وفي ابن زكري، والنصيحة الكافية للشيخ سيدي زروق: والتوبة هي الندم والخروج عن الذنب، فالندم تألم القلب بسبب فوات المحبوب، والخروج عن الذنب تركه ومباعدته تعظيما لله سبحانه وامتثالا لأمره، أو رغبة فيما وعد الله به التائبين من تكفير السيئات، ورفع الدرجات، فالخروج عن الذنب لغرض أخروي لم يمنع ذلك كونه توبة، وإن كان أحط من قصد التعظيم والإجلال على تردد في ذلك، وقد وقع المتردد أيضا في التوبة عند مرض مخوف، والظاهر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم قبول التوبة ما لم تظهر علامات الموت، والخروج يكون عن نفس الذنب ويكون ذلك حال التلبس به، وعقبه باتصال وقد يكون عن اختياره والميل إليه، وذلك بعد مضيه والانفصال عنه بزمان. فالشيخ الفاني تصح توبته مما سبق له أوان الشبوبة من الزنى وقطع الطريق، وإن كان عاجزا عن التلبس بذلك الآن، فلو خرج عن الذنب أي تركه لخوف خلق كترك القتل خوفا من القصاص، وشرب الخمر والزنى خوف الحد، ولولا الخوف من ذلك لفعل لم يكن ذلك توبة، كما لو ترك العاصي لطلب الرزق كأن


(١) الترمذي، كتاب الدعوات، رقم الحديث: ٣٣٣٧. - ابن ماجه، رقم الحديث: ٤٢٥٣.
(٢) على نسخة دب سالم حاشية هذه نسخة حمد الله أصلا.
فائدة قال السنوسي في شرح الجرائري قال التفتزاني يكفي في التوبة من المعاصي كلها الإجمال ولو علمت مفصلة خلافا لبعض المعتزلة أنه لا بد من الندم تفصيلا فيما علم انتهى بلفظه كتبه عبد القادر بن المؤلف عفا الله عنهما انتهى.