للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعطى من الأوقاف والصدقات بذلك، فلا يكون توبة، ووجب عليه رد المظالم وليس بشرط، وكذا اجتناب المحارم، وكذا تعميم القصد، فهذه الثلاثة فروض تاركها عاص ولا تنتقض التوبة بتركها. انتهى. وقوله: فهذه الثلاثة؛ يعني رد المظالم، واجتناب المحارم، وتعميم القصد. والله سبحانه أعلم. قال ابن زكري: وأما النية أن لا يعود فلا تصح التوبة بدونها، وكون رد المظالم غير شرط مقيد بما إذا لم تكن التوبة من الغصب مع وجود المغصوب بيد الغاصب، وإلا فرد المغصوب حينئذ شرط في صحة التوبة. قال ابن عرفة: ونَقْلُ المسيلي في تذكرته صحة التوبة في الغصب مع بقاء المغصوب بيد غاصبه التائب لا أعرفه، وما هلك من المغصوبات وصار متعلقا بذمة الغاصب فرد عوضه حينئذ ليس بشرط في صحة التوبة عند الجمهور، وإنما هو واجب آخر مستقل، كما صرح به السنوسي في شرح الجزائري.

والمظالم مالية، وعرضية، ودينية، وحرمية، فالمالية كالغصب والسرقة يجب ردها إجماعا حيث أمكن الرد، وفي منهاج العابدين: وإن عجزت عن رد المظالم لعدم أو فقر فتستحل منه، وإن عجزت عن ذلك لغيبة الرجل أو موته وأمكن التصدق فافعل وإن لم يمكن فعليك بتكثير حسناتك والرجوع إلى الله تعالى بالتضرع والابتهال أن يرضيه عنك يوم القيامة.

واختلف في التحليل لمن له حق، فقيل: مندوب ورجحه جماعة وعليه العمل لحديث أبي ضمضم: (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان يتصدق بعرضه كل يوم على المسلمين (١) وقيل: لا يجوز مطلقا، وثالثها قول مالك رحمه الله: إن كان حقا لا ظلم فيه جاز وإن كان عن ظلم فلا. انتهى. والظاهر أن المراد بعدم الجواز في هذين القولين الكراهة كما يدل له نقل الشيخ عبد الباقي في الإقرار. والله سبحانه أعلم. وقال ابن زكري: قال النووي: تضافرت نصوص الكتاب والسنة على استحباب العفو وإسقاط الحقوق المختصة بالمسقط، ومعنى قول أبي ضمضم: تصدقت بعرضي الخ، لا أطلب مظلمتي ممن ظلمني لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا ينفع في إسقاط مظلمة كانت؛ موجودة قبل الإبراء، فأما ما يحدث بعده فلا بد من إبراء جديد. انتهى. وقال في النصيحة: وفي العرضية خلاف مشهوره وجوب الاستحلال. انتهى. قال شارحها ابن


(١) أبو داود، كتاب الأدب، الحديث: ٤٨٨٦/ ٤٨٨٧.