للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي هريرة مرفوعا (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم علي وليقل اللهم اعصمني من الشيطان (١)) وروي في قوله عز وجل {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سلوا الله العصمة، والجواب عما قاله بعضهم أن العصمة في حق الأنبياء والملائكة واجبة وفي حق غيرهم جائزة، وسؤال الجائز جائز إلا أن الأدب سؤال الحفظ والحفظ في حقنا العصمة نقله الشيخ عبد الباقي، وقوله الزلل بفتح اللام مصدر زللت بكسر اللام تزل بالفتح إذا زل في طين أو منطق فهو مشترك بين الحسي والمعنوي، وقد سبق أن المراد به هنا المخالفة فيكون المراد بالزلل هنا الزلل المعنوي وعبر بالفعل المضارع لأنه يفيد تجدد العصمة تجددا لا ينقطع في وقت من الأوقات واعلم أن كلام المص إنما يتنزل على جواز الدعاء بالعصمة مطلقة لأن "أل" في الزلل وهو عام في الأقوال والأفعال ومن يمنع الدعاء بالعصمة المطلقة يمنع الدعاء بما يستلزمها، وإرادة أن الزلل هنا في الكبائر يدفعه عموم ما بعده وهو قوله ويوفقنا في القول والعمل معنى كلامه أنه سأل الله عز وجل أن يوفقه في قوله وعمله أي يجعله لا يقول إلا ما يحبه الله ويرضاه ولا يفعل إلا ما يحبه الله ويرضاه، والتوفيق التيسير للخير وعند المتكلمين خلق القدرة على الطاعة وضده الخذلان وهو خلق القدرة على المعصية والعياذ بالله تعالى، وقابل المص القول بالعمل للعرف الشائع وجرى عليه قوله صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل (٢)) وإن كان العمل قد يطلق على ما يتناول القول كقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات (٣)) والفرق بين هذه والتي قبلها أنه في الأولى سأل الله أن يعصمه من الذنوب وفي الثانية سأل الله تعالى أن يرزقه العمل الصالح فالأولى ترك والثانية فعل والله تعالى أعلم. وتقدم أن التوفيق عند المتكلمين خلق القدرة على الطاعة والقدرة عند الأشعري لا تتقدم على الفعل ولا تتأخر عنه قوله ويوفقنا بالنصب والرفع أيضا عطف على يعصمنا بوجهيه، ويحصل التوفيق للعلم بستة أشياء جمعها بعضهم بقوله:


(١) عمل اليوم والليلة للنسائي، باب ما يقول إذا دخل المسجد، الحديث ٩١.
(٢) اللهم إني أسألك من الخير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من الشر ما عاذ به عبدك ونبيك، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. صحيح ابن حبان، باب الأدعية، رقم الحديث: ٨٦٦.
(٣) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، رقم الحديث: ١.