وقراءة عن موته؛ يعني أنه يكره أن يقرأ بسورة:{يس}، أو غيرها عند المحتضر. ابن رشد: إنما كره مالك ذلك إذا فعل استنانا وإلا فلا بأس به، ومثله لابن عرفة، واستحبه ابن حبيب، لخبر: من قرأ يس أو قرئت عنده وهو في سكرات الموت، بعث الله ملكاً إلى ملك الموت أن هوِّنْ على عبدي الموت. ابن يونس: وقد سئل عنه مالك فلم يكرهه، وإنما كره أن يعمل بذلك استنانا. وفي حاشية الشيخ محمد بن الحسن: أن ظاهر السماع الكراهة مطلقاً، واقتصر اللخمي على استحباب القراءة ولم يعول على السماع، وظاهر الرسالة أن ابن حبيب لم يستحب إلا قراءة:{يس}، وظاهر كلام غيرها أنه استحب القراءة مطلقاً. قاله الشيخ محمد بن الحسن.
وللأندزالي مشبها على بدع الجنازة:
وكالفدا يجمع إثر الدفن … أو يقرؤون الحزب دون مين
كتجمير الدار؛ يعني أنه يكره تجمير الدار التي مات فيها أي تبخيرها بأن يطاف فيها ببخور بعد موته؛ لأن فاعله يقصد بفعله زوال رائحة الموت، وأما إن قصد إزالة رائحة ما يستكره فلا كراهة، كما لا يكره عند خروج روحه وغسله، بل يستحب فيهما كتجمير ثيابه. قاله غير واحد. وبعده؛ يعني أنه تكره القراءة بعد موته، فالقراءة بعد الموت ليست مشروعة.
وعلى قبرة؛ يعني أن القراءة عند القبر مكروهة، والأحسن الصدقة والدعاء. قاله الشيخ الأمير. التوضيح: مذهب مالك كراهة القراءة على القبور، ونقله سيدي ابن أبي جمرة في شرح البخاري، قال: لأنا مكلفون بالتفكر فيما قيل لهم وماذا لقوا، ونحن مكلفون بالتدبر في القرآن، فآل الأمر إلى إسقاط أحد العملين، وهذا صريح في الكراهة ولو لم يتدبر القرآن. قاله الشيخ بناني.
وفي القراءة ثلاثة أقوال: تصل مطلقاً، لا تصل، الثالث إن كانت عند القبر وصلت، وفي موضع غيره لم تصل، ويعني بكونها تصل في موضع القبر أنه يحصل له أجر مستمع، وفي آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}؟ قال: وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره. انتهى. وقال ابن هلال: الذي أفتى