للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مؤلفه عفا الله عنه: والظاهر أنه لا يعترض على هذا بخبر الجامع الصغير: (استغفروا الآن لصاحبكم واسألوا له التثبيت فإنه يسأل (١))؛ لأن هذا الحديث فيما بعد الدفن حين انصرف عنه أصحابه وأجلس للسؤال، وكلام المصنف في الجنازة. والله سبحانه أعلم.

وانصراف عنها بلا صلاة؛ يعني أنه يكره الانصراف عن الجنازة بلا صلاة عليها، ولو طولوا أو انصرف لحاجة أو بإذن أهلها لما فيه من التأدية للطعن في الميت، وقوله: وانصراف عنها بلا صلاة، خلافًا لأشهب القائل: لا يكره ذلك. أو بلا إذن؛ يعني أنه يكره الانصراف عن الجنازة بعد الصلاة عليها حيث لم يأذن أهلها حتى تدفن؛ لأن لهم حقاً في حضوره ليدعو لميتهم ويكثر عددهم، ولأن فيه إبطال العبادة وهي حضور الدفن. الجلاب: من حضر جنازة فصلى عليها فلا ينصرف حتى توارى إلا أن يأذن له أهل الميت إلا أن يطول ذلك، فلينصرف قبل الإذن، ولهذا قال: إن لم يطولوا؛ يعني أن محل كراهة الانصراف عن الجنازة قبل الدفن وبعد الصلاة من دون إذن أهلها، إنما هو حيث لم يطولوا بتأخير الدفن، وأما إن طولوا بأن أبطئوا بالدفن فإنه يجوز له الانصراف قبل الدفن ولو لم يأذنوا له في الانصراف، قال الشيخ عبد الباقي: ولو قال: وانصراف عنها بلا صلاة كبعدها بلا إذن إن لم يطولوا كان أوضح. انتهى. وعبارة الأمير واضحة، فإنه قال: وانصراف قبل الصلاة كقبل الدفن إلا أن يأذنوا أو يطولوا، وقد مر الكلام على حديث: (من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط (٢) إلخ، عند قول المصنف: "وفي المصنف أيضًا الصف"، فراجعه إن شئت.

وحملها بلا وضوء؛ يعني أنه يكره للشخص أن يحمل الجنازة وهو غير متوضئ إلى موضع الصلاة عليها إن علم أنه لا يجد بموضع الصلاة ما يتوضأ به؛ لأن ذلك مؤد إلى عدم الصلاة عليها، فإن علم أنه يجد ما يتوضأ به لم يكره حملها بدون وضوء. قاله ابن رشد. وبه قيد الشارح كلام المصنف؛ وهو تقييد حسن، قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: "وحملها بلا وضوء"، هو قول ابن


(١) أبو داود، رقم الحديث: ٣٢٢١. ولفظه: استغفروا لأخيكم واسألوا … إلخ.
(٢) مسلم، كتاب الجنائز، الحديث: ٩٤٥. والبخاري، كتاب الجنائز، الحديث: ١٣٢٥.