للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاسم؛ لأنه يكره لمن حمل الجنازة أن ينصرف عنها بلا صلاة، وروى أشهب: لا بأس بحملها بلا وضوء؛ وهو لا يكره الانصراف عنها بلا صلاة، فكل جار على أصله. قاله الحطاب.

وإدخاله بمسجد؛ يعني أنه يكره إدخال الميت في المسجد ولو لغير صلاة، خوف انفجاره أو حصول نجاسة منه، ولو على القول بطهارته للعلة المذكورة ولمراعاة القول بنجاسته، ولم يحرم إدخاله على القول بنجاسته رعيا للقول بطهارته. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: ومنع ابن شعبان وضعه بالمسجد؛ لأنه ميتة، والباء في قوله: "بمسجد"؛ بمعنى: في. والصلاة عليه فيه؛ يعني أنه تكره الصلاة على الميت في المسجد؛ أي يكره أن يكون المصلي حال الصلاة في المسجد، سواء كان الميت داخل المسجد أو خارجه، إلا أنه إذا كان الميت بالمسجد تتعلق بالحي كراهتان: الصلاة على الميت في المسجد، وإدخال الميت في المسجد، وكرهت والميت خارجه ليلاً يكون ذلك ذريعة لإدخاله فيه، إلا أن يضيق خَارِجُهُ بأهله فلا بأس أن يصلي من بالمسجد بصلاة الإمام. قاله الإمام في المدونة. وقوله: "والصلاة عليه فيه"، الأصل فيه خبر أبي داود: (من صلى على ميت في المسجد فلا شيء له (١))، والعمل فإنهم كانوا لا يصلون على ميت في المسجد، وما ورد من (أنه صلى الله عليه وسلم صلى على سهل بن بيضاء في المسجد (٢) لم يصحبه العمل. قاله الشيخ إبراهيم.

واعلم أن الصلاة على الميت في المسجد يثاب عليها من حيث كونها صلاة مأمورا بها، فلم يقع النهي عن ذات الصلاة، وحينئذ فإيقاعها في المسجد هو الذي فاعله لم يؤثم ولم يؤجر، وإن لم يفعله أجر لأن حد المكروه: ما تركه أفضل من فعله، فالكراهة إنما هي متعلقة بنفس الإيقاع في المسجد، فإذا فعل الصلاة خارج المسجد تاركاً لإيقاعها فيه حصل له ثوابان: ثواب الصلاة، وثواب ترك إيقاعها في المسجد. وإذا فعلها في المسجد فله ثواب الصلاة فقط، والإيقاع بالمسجد لا ثواب فيه ولا عقاب، وقوله: "فيه"، ظرف لغو متعلق بالصلاة. قاله الشيخ الخرشي.


(١) أبو داود، كتاب الجنائز، رقم الحديث: ٣١٩١. وفي عون المعبود شرح أبي داود (فلا شيء عليه) هكذا وقع في نسختين عتيقتين لفظة: عليه. ووقع في نسخة عتيقة لفظة: له. قال المنذري: قال الخطيب: كذا في الأصل انتهى. قلت: وكذا وجدت هذه العبارة في ثلاث من النسخ الحاضرة. قال العيني: قوله فلا شيء له، رواه أبو داود بهذا اللفظ ورواه ابن ماجه ولفظه: فليس له شيء.
(٢) الموطأ، كتاب الجنائز، الحديث: ٥٣٨.