للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مقيده: وفيه بحث لاقتضائه أن الصلاة للنافلة في وقت الكراهة يثاب عليها. والله سبحانه أعلم. وظاهر المؤلف الكراهة ولو في مساجد المقابر؛ وهو قول أبي عمران، وأجازه ابن الكاتب فيها لأنها إنما بنيت لتقيهم من الحر والبرد، وضعفه ابن محرز بأنها وإن بنيت لذلك فلا يمنع حرمتها.

وبما مر تعلم أن قول المواق: لا يأثم ولا يؤجر في صلاته ولو ترك الصلاة أجر؛ لأن هذا هو حد المكروه -انتهى- غير ظاهر. انظر حاشية الشيخ بناني. وروى أشهب: أكره الدفن في المسجد. قاله الحطاب. ثم ذكر الخلاف في نجاسة ميتة الآدمي، ثم قال: وبسبب ذلك اختلف في الصلاة عليه في المسجد، وسبب الاختلاف حديث سهل بن بيضاء: هل المسجد فيه ظرف للمصلي أو للجنازة فيكون كراهة الدفن لأجل كراهة دخوله في المسجد، وهذا على القول في جري بعض الأحباس في بعض: وبه عمل الأندلسيين خلافًا للقرويين، فعلى قولهم لا يجوز الدفن فيه بوجه، وهذا في المساجد التي بنيت للصلاة، فلو بنيت لوضع الموتى فيها صح إدخالها، والدفن فيها إن اضطروا إلى ذلك. انتهى. وقد مر الكلام على مساجد المقابر.

وتكرارها؛ يعني أنه يكره تكرار الصلاة على الجنازة؛ أي إذا صُلِّيَ عليها بإمام كرهت إعادتها لفذ أو جماعة، فإن صلى عليها فذ أو متعدد بغير إمام ندب إعادتها بإمام؛ لأن الجماعة فيها مستحبة، فيستحب تداركها ما لم تفت بالدفن لا بغيره، فالصور تسع؛ لأن المصلي إما فذ، أو متعدد بغير إمام، أو به والمصلي ثانيًا كذلك: فمتى صُلِّيَ عليها أولاً بإمام كرهت إعادتها لفذ ومتعدد بإمام وبغيره، فهذه ثلاثة. ومتى صلى عليها أولاً فذ أو متعدد بغير إمام كرهت إعادتها بفذ ومتعدد بغير إمام لا بإمام، فتندب؛ وهذه ست مضافة للثلاث قبلها، فالمكروه سبع والمندوب اثنتان. قاله الشيخ عبد الباقي. وهو غاية في التحرير.

وتغسيل جنب؛ يعني أنه يكره أن يغسل الجنب الميت؛ لأنه يملك طهره، فالمصدر مضاف إلى فاعله، وسواء كان الجنب الغاسل رجلاً أو امرأة. كسقط؛ يعني أنه يكره أن يغسل السقط -وهو من لم يستهل- التغسيلَ الشرعيَّ، فلا ينافي ما يأتي من قوله: وغسل دمه، وسواء ولد قبل تمام مدة الحمل أو بعدها، فالسقط مغسَّل بالفتح في هذه، والجنب مغسِّل بالكسر في التي قبلها، فالمصدر المقدر قبل السقط مضاف لمفعوله، وقوله: "سقط"، بتثليث السين، وتحنيطه؛ يعني أنه