للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قبل هذا معللاً لعدم الكراهة ما نصه: لعدم قدرتها على الطهر، فإن قدرت عليه برؤية علامته ووجود مطلق كاف كره تغسيلها كالجنب. انتهى.

قال جامعه عفا الله عنه: يؤخذ من هذا أنه لو لم يكن عند الجنب والحائض بعد طهرها ما يغتسلان به لم يكره تغسيلهما. والله سبحانه أعلم. وقوله: "لا حائض"، عطف على جنب من قوله: "وتغسيل جنب". وصلاة فاضل على بدعي؛ يعني أنه يكره صلاة فاضل كإمام أو عالم أو صالح على بدعي كحروري وقدري وجبري ونحوهم ما لم يؤد ذلك إلى إبطال الصلاة عليهم وخوف الضيعة عليهم.

واعلم أنه تكره السكنى معهم في بلادهم ليلاً تنزل عليهم سخطة فتصيبه معهم، أو يظن أنه منهم فيعرض نفسه لسوء الظن، أو مخافة أن يسمع كلامهم فيدخل عليه شك في اعتقاده لشبههم. قاله الزرقاني. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي: وكره صلاة فاضل بعلم أو إمامة أو صلاح على بدعي ردعا لمن هو مثله، وكذا يكره سلام عليه ومناكحته، وصلاة الجمعة أو غيرها خلفه ردعا له، وقول المدونة: يستتاب أهل الأهواء فإن تابوا وإلا قتلوا محمول كما لأبي الحسن على ما إذا دعوا الناس لبدعتهم. انتهى. وفي الحديث: (من أهان صاحب بدعة أمنه الله من الفزع الأكبر (١)).

أو مظهر كبيرة؛ يعني أنه تكره صلاة فاضل كإمام أو عالم أو صالح على مظهر كبيرة، كزنى وشرب خمر ومكس، وكذا إذا اشتهر بها وإن لم يظهرها كما في المواق، ردعا لأمثالهم ما لم يؤد ذلك إلى إبطال الصلاة عليهم، ويخاف عليهم الضيعة لأن فرض الصلاة لازم لا يسقطة كبائرهم، وبدعتهم ما تمسكوا بالإسلام. والأصل في ذلك ما روى جابر عن سمرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد قتل نفسه فلم يصل عليه (٢))، والحديث يفيد أن من اطلع عليه أنه فعل كبيرة لا يصلي عليه الإمام وأهل الفضل، فالمراد بمظهر كبيرة: من ظهر فعله للكبيرة، كما هو ظاهر الحديث. قاله الشيخ الخرشي. وقوله: "وصلاة فاضل على بدعي أو مظهر كبيرة"، هو قول


(١) الإتحاف، ج ٦ ص ١٩٦.
(٢) البيهقي، ج ٤ ص ١٩.