للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك، خلافًا لابن حبيب. وقال الشيخ الأمير: وصلاة فاضل على معروف بمنهي، ظاهره ولو صغيرة فإن الشهرة تقتضي الإصرار. والإمام علي من حده القتل؛ يعني أنه تكره صلاة الإمام أي السلطان على من حده؛ أي شرعه القتل بسبب ترتب حد عليه كالزاني المحصن والمحارب وتارك الصلاة، أو كان شرعه القتل لأجل لزوم قود له لكون المقتول مكافئا له؛ لأنه منتقم لله بقتله، فلا يشفع بالصلاة عليه.

وعلم مما قررت أن الحد الأول معناه الشرع، فيشمل ما يفعل بالقاتل وغيره، وأن الثاني معناه ما يترتب على الزاني ونحوه. والله سبحانه أعلم. ومثل الإمام في كراهة الصلاة عليه أهل الفضل كما صرح به ابن يونس ونصه: ومن قتل في قصاص أو رجم لا يصلي عليه الإمام ولا أهل الفضل، وعليه يجري قول المصنف في تارك الصلاة: "وصلى عليه غير فاضل"، وعلى هذا فإنما خص المصنف الإمام هنا بالذكر لعود الضمير عليه. في قوله: وإن تولاه الناس دونه؛ يعني أنه تكره صلاة الإمام أي السلطان على من شرعه القتل بحد أو قود، سواء تولى الإمام قتله؛ أي أذن فيه، أو تولى الناس قتله دون الإمام؛ أي قتلوه دون إذنه، فقد نص في المدونة على أن المحارب إذا قتله الناس دون الإمام أن الإمام لا يصلي عليه، وأشعر قوله: "بحد أو قود"، أن من قتل في تعزير يصلي عليه الإمام، وحكى ابن عبد الحكم أن للإمام أن يصلي على المرجوم، واحتج (بأنه عليه الصلاة والسلام صلى على ماعز والغامدية (١) واحترز بقوله: "على من حده القتل"، مما إذا لم يكن حده القتل كالقاذف والزاني البكر إذا أقيم عليهما الحد فماتا من ذلك، فإنه يصلي عليهما الإمام. قاله في المدونة.

وإن مات قبله فتردد؛ يعني أن من وجب عليه القتل بقود أو حد؛ إذا مات قبل أن يقام عليه الحد أو القصاص، فقد تردد اللخمي وأبو عمران في كراهة صلاة الإمام عليه وعدم كراهتها، فقال اللخمي: لا يصلى عليه هو وأهل الخير والفضل ليكون ذلك ردعا لغيره من الأحياء، ونص أبو عمران على أن الإمام يصلي عليه، ومن قدم للقتل فمات خوفًا من القتل قبل إقامة الحد عليه فهو من محل التردد، فأبو عمران يقول: يصلي عليه الإمام، واللخمي يقول: يستحب للإمام أن


(١) مسلم، كتاب الحدود، الحديث: ١٦٩٥. (حديث الغامدية). - البخاري، (حديث ماعز) الحديث: ٦٨٢٠.