واعلم أن تحريم النوح كان عقب غزوة أحد، فلا يحتج بما ورد من إباحته قبل ذلك، فلا يحتج بما وقع في قصة حمزة رضي الله عنه كما صرح به الحطاب، والنهي عن النوح قائم سواء كان عند الموت أو بعده، قبل الدفن أو بعده، بقرب أو بعد.
واعلم أن المأتم اجتماع النساء في الموت، وأصله اجتماع النساء والرجال في الغم والفرح، وهو بالتاء المثناة فوق قبلها همزة ساكنة.
وتكبيرة نعش؛ يعني أنه يكره تكبير النعش؛ أي إعظامه فوق العادة بما فوق الحاجة بحيث يكون مظنة للمباهاة أو عظم المصيبة، فإن كانت زيادته ليست كذلك فلا كراهة. وفرشه بحرير؛ يعني أنه يكره فرشه أي النعش بالحرير، ولو لامرأة لما فيه من الفخر والخيلاء، وخص ابن حبيب كراهة ذلك بالرجل، ونص كلام ابن حبيب في النوادر: ويكره إعظام النعش وأن يفرش تحت الميت قطيفة حرير، أو قطيفة حمراء، ولا يكره ذلك للمرأة ولعل التفرقة بالنسبة للحرير فقط. قاله الشارح. ولعل قول ابن حبيب على أصله في جواز تكفينها بالحرير والفراش لباس، لقوله في الحديث:(قد اسود هذا الحصير من طول ما لبس (١)). ومفهوم فرشه أن ستره به جائز إن لم يكن أحمر ملونا، وإلا كره ولو لامرأة. قاله ابن حبيب.
واتباعه بنار؛ يعني أنه يكره أن يتبع الميت بنار بغير طيب، وإلا فكراهتان كما في شرح الشيخ عبد الباقي عن أبي الحسن، وقال الشيخ بناني: ونص الأمهات: وكره أبو هريرة وعائشة رضي الله عنهما أن يتبع الميت بالنار تفاؤلا في هذا المقام. انتهى. الشيخ أبو الحسن: وهذا إذا لم يكن فيه طيب، وأما إذا كان فيه طيب فيزداد وجها آخر وهو السرف، وهذا إذا كان طيب له بال. انتهى. وكما يكره أتباع الميت بنار، يكره أتباعه بالواعظ لأنه بدعة. قاله الشيخ إبراهيم.
ونداء به بمسجد، الضمير في به يعود على الميت كما في الشارح؛ يعني أنه يكره أن ينادى بالميت في المسجد بأن ينادى: ألا إن فلاناً قد مات لكراهة رفع الصوت بالمسجد، ولأنَّه من النعي المنهي
(١) البخاري، كتاب الصلاة، الحديث: ٣٨٠ - مسلم، كتاب الصلاة، الحديث: ٦٥٨. ولفظهما: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس ..