للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة: من رأى جنازة فكبّر ثلاثا، وقال: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليما، كتب الله له عشر حسنات من يوم قالها إلى يوم القيامة. نقله غير واحد. وقيل لها؛ يعني أنه يكره القيام لأجل الجنازة، قال الشيخ عبد الباقي: وهذا صادق بثلاث صور: إحداها جالس تمر به الجنازة فيكره له أن يقوم لأجلها، الثانية تابع لها سبقها لموضع الدفن وجلس عنده فيكره له أن يقوم حتى توضع عن الأعناق، الثالثة تابع لها يكره له أن يقوم أي يستمر قائماً حتى توضع. وكان القيام في الصور الثلاث مأمورا به ثم نسخ. انتهى. وعزاه لابن رشد، قال الشيخ محمد بن الحسن في ابن عرفة: أنه نسخ من الوجوب إلى الإباحة أو الندب، وهما قولان، قال الحطاب: وتفهم الكراهة من كلام الباجي وسند. ابن رشد: كان مأمورا به ثم نسخ بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يقوم في الجنائز ثم جلس وأمرهم بالجلوس (١))، ولعل المؤلف فهم الكراهة من هذا. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

وأما القيام على الميت حتى يدفن فلا بأس به، وليس مما نسخ هذا حكم القيام في حق الميت، وأما القيام للحي فاعلم أن الترمذي أخرج عن أنس رضي الله عنه، أنه قال: (لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك (٢)). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وَها أنا أنقل لك كلام العلماء لتتم الفائدة، فأقول: قال الشيخ عبد الباقي: القيام للحي وَاجِبٌ إن أدى تركه لمقاطعة أو خوف أذى، وَحَرَامٌ لمن يحبه تكبرا وتجبرا على القائمين إليه ولم يخش ضرره، وَمَكْرُوهٌ لمن يحبه إجلالا وتعظيماً ولا يتكبر على القائمين إليه، وَجَائزٌ لمن يقوم إجلالا لمن لا يريده وهذا معدوم من غير معصوم، وَمَنْدُوبٌ لأجل قادم من سفر أو بنعمة على الجالس أو ذي مصيبة ليعزى، نقله ابن رشد، ويوسف بن عمر على الرسالة. انتهى. قوله: واجب إن أدى تركه لمقاطعة، قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر، والذي نقله صاحب المدخل عن ابن رشد هو ما نصه: القيام للحي يقع على أربعة أوجه: الأَوَّلُ مَحظُورٌ؛ وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرا أو تعاظما على القائمين


(١) السنن الكبرى للبيهقي، ج ٤ ص ٢٨.
(٢) الترمذي، كتاب الأدب، الحديث: ٢٧٥٤.